هيا نشتاق إلى الجنة الحلقة الثانية

28-10-2020 1095 مشاهدة

3- لباس الجنة وزينتها :
الإنسان في هذه الدنيا يحرص على أن يكون لباسه طيباً وجميلاً ويدل على شخصيته ومكانته , بل ويتباهى الناس ويتفاخرون في ذلك وينسون أن تلك الثياب التي يتعالى بعضهم على الناس بها سوف تبلى عن قريب , عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قَالَ يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى قَالَ وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ. أخرجه أحمد 4/24(16414) و\"مسلم\" 8/211(7530).
أما أهل الجنة فإنهم يلبسون فيها الفاخر من اللباس ، ويتزينون فيها بأنواع الحلي من الذهب والفضة واللؤلؤ ، ولكنها ثياب لا تبلى أبداً , قال تعالى : \" إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23). سورة الحج.


وقال: \" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55). سورة الدخان.
وقال : عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22) سورة الإنسان .

 

عَنْ قَتَادَةَ ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ؛ أَنَّهُ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جُبَّةٌ مِنْ سُنْدُسٍ ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ ، أَحْسَنُ مِنْ هَذَا. أخرجه أحمد 3/206(13180) و\"البُخَاريّ\" 2615 و\"مسلم\" 6432.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللهُّ عَنْهُ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ عَلَى إِثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إِضَاءَةً ، قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الْحُسْنِ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ، لاَ يَسْقَمُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ، وَلاَ يَبْصُقُونَ ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ، وَأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ ، وَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الأُلُوَّةُ – قَالَ أَبُو الْيَمَانِ يَعْنِى الْعُودَ – وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ. أخرجه \"البُخاري\" 4/143(1246) .

 

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , عَنِ النَّبِيِّ , صلى الله عليه وسلم :إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الْحَكَمُ سِتَّ خِصَالٍ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِى أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ وَيَرَى قَالَ الْحَكَمُ وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ وَيُزَوَّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ قَالَ الْحَكَمُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعَ فِى سَبْعِينَ أنسانًا مِنْ أَقَارِبِهِ. أخرجه أحمد 4/131(17314) الألباني رقم : 5182 في صحيح الجامع .
 

وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ. قَالَ : طُوبَى لِمَنْ رَآنِى وَآمَنَ بِى , ثُمَّ طُوبَى , ثُمَّ طُوبَى , ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِى وَلَمْ يَرَنِى , قَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَمَا طُوبَى ؟ قَالَ : شَجَرَةٌ فِى الْجَنَّةِ , مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ , ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا. أخرجه أحمد 3/71(11696) الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 4 / 639.

4- نساء الجنة :
نساء الجنة أعظم بجمالهن وحسنهن فإنهن محورات العيون ملألآت الخدود, تكسوهن النضرة, ويملؤهن الجمال,أخاذات بنظراتهن, ساحرات بحسنهن, قاصرات بطرفهن , طاهرات مطهرات , قال تعالى : \" وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25) سورة البقرة .
وقال : \" فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) سورة الرحمن .
وقال : فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) سورة الرحمن.
وعَن حُمَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛ لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوْ غَدْوَةٌ ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، أَوْ مَوْضِعُ قِيدٍ – يَعْنِي سَوْطَهُ – خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا ، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
– وفي رواية : غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ ، أَوْ رَوْحَةٌ ، خَيْرٌ مِنَ الدَّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ ، أَوْ مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنَ الْجَنَّةِ ، خَيْرٌ مِنَ الدَّنْيَا وَمَا فِيهَا ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا ، وَلَنَصِيفُهَا – يَعْنِي الْخِمَارَ – خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. أخرجه أحمد 3/141(12463) والبُخَارِي( 4/20(2792).
وعن بن عباس أنه قال :(لو أن حوراء أخرجت كفها بين السماء والأرض لافتتن الخلائق بحسنها، ولو أخرجت نصيفها( خمارها) لكانت الشمس عند حسنها مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها، ولو أخرجت وجهها لأضاء حسنها ما على الأرض , عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّ فِي الْجَنَّةِ سُوقًا ، مَا فِيهَا بَيْعٌ وَلاَ شِرَاءٌ ، إِلاَّ الصُّوَرُ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا ، وَإِنَّ فِيهَا لَمَجْمَعًا لِلْحُورِ الْعِينِ ، يَرْفَعْنَ أَصْوَاتًا لَمْ يَرَ الْخَلاَئِقُ مِثْلَهَا ، يَقُلْنَ : نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلاَ نَبِيدُ ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلاَ نَسْخَطُ ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلاَ نَبْؤُسُ ، فَطُوبَى لِمَنْ كَاَن لَنَا ، وَكُنَّا لَهُ.أخرجه التِّرْمِذي (2550 و2564).
قال تعالى : \" إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ(57)سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58). سورة يس.
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَاتَ يَوْمِ ، وَقَدْ أَهَلَّ رَمَضَانُ ، فَقَالَ : لَوْ يَعْلَمُ الْعِبَادُ مَا رَمَضَانُ ، لَتَمَنَّتْ أُمَّتِي أََنْ يَكُونَ السَّنَةَ كُلَّهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، حدَّثنا ، فَقَالَ : إِنَّ الْجَنَّةَ لَتُزَيَّنُ لِرَمَضَانِ مِنْ رَأْسِ الْحَوْلِ إِلَى الْحَوْلِ ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍِ مِنْ رَمَضَانَ هَبَّتْ رِيحٌ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ ، فَصَفَّقَتْ وَرَقُ الْجَنَّةِ فَتَنْظُرُ الْحُورُ الْعِينُ إِلَى ذَلِكَ ، فَيَقُلْنَ : يَا رَبِّ ، اجْعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَزْوَاجًا تَقَرُّ أَعْيُنُنَا بِهِمْ ، وَتَقَرُّ أَعْيُنُهُمْ بِنَا ، قَالَ : فَمَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ ، إِلاَّ زُوِّجَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فِي خَيْمَةٍ مِنْ دُرَّةٍ مِمَّا نَعَتَ اللهُ : ? حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ? عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً ، لَيْسَ مِنْهَا حُلَّةٌ عَلَى لَوْنِ الأُخْرَى ، تُعْطِي سَبْعِينَ لَوْنًا مِنَ الطِّيبِ ، لَيْسَ مِنْهُ لَوْنٌ عَلَى رِيحِ الآخَرِ ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ سَبْعُونَ أَلْفَ وَصِيفَةٍ لِحَاجَتِهَا ، وَسَبْعُونَ أَلْفَ وَصِيفٍ ، مَعَ كُلِّ وَصِيفٍ صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فِيهَا لَوْنُ طَعَامٍ ، تَجِدُ لآخِرِ لُقْمَةٍ مِنْهَا لَذَّةً لاَ تَجِدُ لأَوَّلِهِ ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ سَبْعُونَ سَرِيرًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشًا بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ، فَوْقَ كُلِّ فِرَاشٍ سَبْعُونَ أَرِيكَةً ، وَيُعْطَى زَوْجُهَا مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ ، مُوَشَّحٍ بِالدُّرِّ ، عَلَيْهِ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ ، هَذَا بِكُلِّ يَوْمٍ صَامَهُ مِنْ رَمَضَانَ ، سِوَى مَا عَمِلَ مِنَ الْحَسَنَاتِ. أخرجه أبو يَعْلَى (5273) و\"ابن خزيمة\" 1886 .
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:لاَ تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا ، إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ : لاَ تُؤْذِيهِ ، قَاتَلَكِ اللهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ ، يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا. أخرجه أحمد 5/242(22452) و\"ابن ماجة\"2014 , الألباني رقم : 7192 في صحيح الجامع .
أحد التابعين يقول وكله إشتياق إلى الجنة وحورها: لأشترين حورية من الحور العين بثلاثين ختمة للقرآن لا أنام حتى أختم هذه الثلاثين ختمة، ويختم تسعًا وعشرين فيغلبه النوم فينام فيرى حورية من حوريات أهل الجنة تأتي فتركله برجلها، وتقول:

أتخطُبُ مثْلِي وعنِّي تَنَامُ *** ونومُ المُحبِّينَ عنِّي حَرَام
لأنا خُلِقْنَا لكلِّ امرئٍ *** كَثيرِ الصلاةِ كثيرِ القِيام

فقام بعدها، وأكمل ذلك واجتهد، وقال: برحمة الله لأجتهدن إلى أن أنال هذه؛ إلى أن أنال هذه الحورية.
وهذا أبو سليمان الدارني, ينام ليلة من الليالي، عابد زاهد عبَد الله، وأخلص لله، وصدق مع الله، يمني نفسه بما في الجنة من نعيم، فيقول في ليلة من الليالي -نائمًا والنفس أحيانًا تحدث بما ترغب وبما تريد وبما تحب- قال: فرأيت -فيما يرى النائم- كأن حورية جاءتني، وقالت: ما هكذا يفعل الصالحون -يا أبا سليمان- أتنام وأنا أربى لك في الخدور من خمسمائة عام. لا إله إلا الله؛ فما نام بعدها إلا قليلا؛ جد وطلب ليلحق بها.

5- ولدان الجنة :
قال تعالى : \" وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا(15) قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا(16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا(19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا(20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا(21). سورة الإنسان.
قال ابن كثير رحمه الله : أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ، مخلدون : أي :
على حالة واحدة ، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها ؛ لا تزيد أعمارهم عن تلك السن .تفسير ابن كثير 8/292.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : غلمان لا يموتون , وقال ابن القيم رحمه الله :قال أبو عبيدة والفراء : مخلدون : لا يهرمون ولا يتغيرون , قال : والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط : إنه لمخلد ، وإذا لم تذهب أسنانه من الكبر قيل : هو مخلد . ابن عادل : اللباب في علوم الكتاب 18/385.
وقال ابن القيم: وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلقة. وفي كونه منثورا فائدتان.
إحداهما : الدلالة على أنهم غير معطلين ، بل مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم .
الثانية : أن اللؤلؤ إذا كان منثورا ، ولاسيما على بساط من ذهب أو حرير ، كان أحسن لمنظره وأبهى ، من كونه مجموعا في مكان واحد.
وقد اختلف العلماء فيمن يكون هؤلاء الولدان,فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والحسن البصري أن المراد بالولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة .
وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال : أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة .
قال الحسن : لم يكن لهم حسنات يجزون بها ، ولا سيئات يعاقبون عليها ، فوضعوا في هذا الموضع .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا أصل لهذا القول. انظر: مجموع الفتاوى (4/279).
وقيل : إن هؤلاء الولدان أنشأهم الله لأهل الجنة ، يطوفون عليهم كما شاء ، من غير ولادة .
وهذا القول الأخير هو الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى .
فقد سئل رحمه الله : عن الولدان : هل هم ولدان أهل الجنة ؟ .فأجاب :الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة ; ليسوا بأبناء أهل الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة يكمل خلقهم كأهل الجنة ؛ على صورة آدم أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، في طول ستين ذراعا . وقد روي أيضا أن العرض سبعة أذرع .انظر : مجموع الفتاوى : 4/312

6- أصدقاء الجنة :
أصدقاء الدنيا قد تكون صداقتهم ومجالستهم لغرض شخصي ومصلحة مستفادة , وقد يغضب أحدهم على صاحبه فيقلب له ظهر المجن , وقد يحسد الصاحب صاحبه ويحقد عليه , وقد يجلس الصديق مع صديقه وليس يشغلهم غير الغيبة والكلام على الناس بالقيل والقال .
أما رفاق الجنة وأصدقائها فقد نزع الله الغل والحقد من قلوبهم , وصفى كلامهم من السوء وقلوبهم من الضغينة , قال تعالى : \" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (48). سورة الحجر.
قال تعالى : \" إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36). سورة النبأ.
قال تعالى : \" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10). سورة يونس.
قال الجزائري : ونزعنا ما في صدورهم من غل : أي حقد وحسد وعداوة وبغضاء.
على سرر متقابلين : أي ينظر بعضهم إلى بعض ما داموا جالسين وإذا انصرفوا دارت بهم الأسرة فلا ينظر بعضهم إلى قفا بعض. لا يمسهم فيها نصب: أي تعب. الجزائري:أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير3/84.

وما أروع ما قاله ابن القيم رحمه الله في وصف نعيم الجنة , قال في 🙁 حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح 355- 360) : \" وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص. فإن سألت: عن أرضها وتربتها، فهي المسك والزعفران. وإن سألت: عن سقفها، فهو عرش الرحمن. وإن سألت: عن ملاطها، فهو المسك الأذفر. وإن سألت: عن حصبائها، فهو اللؤلؤ والجوهر. وإن سألت: عن بنائها، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب، لا من الحطب والخشب. وإن سألت: عن أشجارها، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب. وإن سألت: عن ثمرها، فأمثال القلال، ألين من الزبد وأحلى من العسل. وإن سألت: عن ورقها، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل. وإن سألت: عن أنهارها، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى. وإن سألت: عن طعامهم، ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. وإن سألت: عن شرابهم، فالتسنيم والزنجبيل والكافور. وإن سألت: عن آنيتهم، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير. وإن سألت: عن سعت أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام. وإن سألت: عن تصفيق الرياح لأشجارها، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها. وإن سألت: عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها. وإن سألت: عن خيامها وقبابها، فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام. وإن سألت: عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية، تجري من تحتها الأنهار. وإن سألت: عن ارتفاعها، فانظر إلى الكوكب الطالع، أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار. وإن سألت: عن لباس أهلها، فهو الحرير والذهب. وإن سألت: عن فرشها، فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلى الرتب. وإن سألت: عن أرائكها، فهي الأسرة عليها البشخانات، وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب، فما لها من فروج ولا خلال. وإن سألت: عن أسنانهم، فأبناء ثلاثة وثلاثين، على صورة آدم عليه السلام، أبي البشر. وإن سألت: عن وجوه أهلها وحسنهم، فعلى صورة القمر. وإن سألت: عن سماعهم، فغناء أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما سماع خطاب رب العالمين. وإن سألت: عن مطاياهم التي يتزاورون عليها، فنجائب أنشأها الله مما شاء، تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان. وإن سألت: عن حليهم وشارتهم، فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان. وإن سألت: عن غلمانهم، فولدان مخلدون، كأنهم لؤلؤ مكنون. وإن سألت: وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم، فهن الكواعب الأتراب، اللائي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور. تجري الشمس في محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا تبسمت، وإذا قابلت حبها فقل ما شئت في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك في محادثة الحبيبين، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها، كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها (الصيقل: جلاء السيوف، والمقصود هنا تشبيه وجه الحوراء بالمرآة التي جلاها ولمعها منظفها حتى بدت أنظف وأجلى ما يكون)، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها. لو أطلت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا وتكبيراً و تسبيحاً، ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمن كل من رآها على وجه الأرض بالله الحي القيوم، ونصيفها (الخمار) على رأسها خير من الدنيا وما فيها. ووصاله أشهى إليها من جميع أمانيها، لا تزداد على تطاول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً، ولا يزداد على طول المدى إلا محبةً ووصالاً، مبرأة من الحبل (الحمل) والولادة والحيض والنفاس، مطهرة من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر الأدناس. لا يفنى شبابها ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يمل طيب وصالها، قد قصرت طرفها على زوجها، فلا تطمح لأحد سواه، وقصرت طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني والأمان. هذا ولم يطمثها قبله أنس ولا جان، كلما نظر إليها ملأت قلبه سروراً، وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤاً منظوماً ومنثوراً، وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نوراً. وإن سألت: عن السن، فأتراب في أعدل سن الشباب. وإن سألت: عن الحسن، فهل رأيت الشمس والقمر. وإن سألت: عن الحدق (سواد العيون) فأحسن سواد، في أصفى بياض، في أحسن حور (أي: شدة بياض العين مع قوة سوادها). وإن سألت: عن القدود، فهل رأيت أحسن الأغصان. وإن سألت: عن النهود، فهن الكواعب، نهودهن كألطف الرمان. وإن
سألت: عن اللون، فكأنه الياقوت والمرجان. وإن سألت: عن حسن الخلق، فهن الخيرات الحسان، اللاتي جمع لهن بين الحسن والإحسان، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر. وإن سألت: عن حسن العشرة، ولذة ما هنالك: فهن العروب المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل، التي تمتزج بالزوج أي امتزاج. فما ظنك بإمرأة إذا ضحكت بوجه زوجها أضاءة الجنة من ضحكها، وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقل في بروج فلكها، وإذا حاضرت زوجها فياحسن تلك المحاضرة، وإن خاصرته فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة:

وحديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملي وإن هي أوجزت *** ود المحدث أنها لم توجز

إن غنت فيا لذت الأبصار والأسماع، وإن آنست وأنفعت فيا حبذا تلك المؤانسة والإمتاع، وإن قبلت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل، وإن نولت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل. هذا، وإن سألت: عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق، وذلك موجود في الصحاح، والسنن المسانيد، ومن رواية جرير، وصهيب، وأنس، وأبي هريرة، وأبي موسى، وأبي سعيد، فاستمع يوم ينادي المنادي: يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحيى على زيارته، فيقولون سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداّ، وجمعوا هناك، فلم يغادر الداعي منهم أحداً، أمر الرب سبحانه وتعالى بكرسيه فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم – وحاشاهم أن يكون بينهم دنيء – على كثبان المسك، ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي: يا أهل الجنة سلام عليكم. فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام. فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول: يا أهل الجنة فيكون أول ما يسمعون من تعالى: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهذا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قد رضينا، فارض عنا، فيقول: يا أهل الجنة إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد، فسلوني فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه. فيكشف الرب جل جلاله الحجب، ويتجلى لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله سبحانه وتعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة، حتى إنه يقول: يا فلان، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول: بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه. فيا لذت الأسماع بتلك المحاضرة. ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة. ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة. {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ . القيامة:22-25.

فحيى على جنات عدن فإنها ** * منزلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ** * نعود إلى أوطاننا ونسلم

قال زهير حسن حميدات في كتابه ( نعيم الجنة ص 6 ) : لما خلق الله عز وجل الجنات يوم خلقها وفضل بعضها على بعض، جعلها سبع جنات، دار الخلد، ودار السلام، وجنة عدن، وهي قصبة الجنة، وهي مشرفة على الجنان كلها، وهي دار الرحمن تبارك وتعالى، ليس كمثله شيء ، ولا يشبه شيء، ولباب جنات عدن مصراعان: من زمرد وزبرجد من نور، كما بين المشرق والمغرب، وجنة المأوى، وجنة الخلد، وجنة الفردوس، وجنة النعيم، سبع جنات خلقها الله عز وجل من النور كلها، مدائنها وقصورها، وبيوتها وشُرَفِها، وأبوابها ودرجها، وأعلاها وأسفلها، وآنيتها وحليِّها، وجميع أصناف ما فيها من الثمار المتدلية، والأنهار المطرزة بألوان الأشربة، والخيام المشرفة، والأشجار الناضرة بألوان الفاكهة، والرياحين العبقة، والأزهار الزاهرة، والمنازل البهية.

 


وأما عن صفة أهل الجنة: فيدخلها أهل الجنة، جردا مردا مكحلين، أبناء ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين، عليهم التيجان، وإن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب، ولو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا، لتزخرفت له ما بين خوافق السماوات والأرض، ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا سواره، لطمس ضوؤُه ضوءَ الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم. وإذا فتحت الجنة أبوابها دخلت أول زمرة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، يسبحون الله بكرة وعشيا، لا يسقمون فيها ولا يموتون، ولا ينزفون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمنون، ولا يمتخطون، ولا يتفلون، آنيتهم من الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ومجامرهم الألوّة، ورشحهم المسك، أزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في السماء، وبجمال يوسف، وقلب أيوب، وعُمْر عيسى، وخُلُق محمد، عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء.
ثم يأتي النعيم الأكبر والجائزة الكبرى في الجنة , عنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم ، قال:إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ في يَدَيْكَ. فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى ؟ يَا رَبِّ ، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ : أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ : يَا رَبِّ ، وَأَىُّ شيء أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رضواني ، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا. أخرجه أحمد 3/88(11857و\"البُخَارِي\" 8/142(6549) و\"مسلم\" 8/144(7242) والتِّرْمِذِيّ\" 2555 .
وعن صهيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ يقولُ اللهُ تريدون شيئًا أَزِيدُكُمْ فيقولون ألم تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ألم تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ فَيَكْشِفُ الحجاب فما أُعْطُوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظرِ إلى ربِهم .أخرجه مسلم (1/163 ، رقم 181) ، والترمذي (5/286 ، رقم 3105) . و أحمد (4/332 ، رقم 18955) . ( صحيح الجامع 18955) .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ جَنَّةِ الْخُلْدِ.

تعليقات المستخدمين

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يمكنك قراءة

  • 21 جمادى الآخرة 1445 هـ
    🔴 مقال جديد بمجلة أنصار النبي ﷺ بعنوان ( وقود…

    🔴 مقال جديد بمجلة أنصار النبي ﷺ بعنوان ( وقود معارك المسلمين) | الشيخ مختار…

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    رفع الضرر في غض البصر

    رفع الضرر في غض البصر

  • 13 ربيع الثاني 1444 هـ
    🔴 الحالة الاجتماعيـة والسياسيـة والدينية قبل بعثة النبي ﷺ

    🔴 الحالة الاجتماعيـة والسياسيـة والدينية قبل بعثة النبي ﷺ