مفهوم الخوارج عند أهل العلم الفقهاء
27-10-2020 1399 مشاهدةمن هم الخوارج : وقفه مع فقه الحافظ الفقيه والمحدث ابن حجر العسقلاني في فتح الباري
إعداد أبي سليمان
مختار بن العربي مؤمن الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم
تعريف بالخوارج وقتالهم في زمان صار فيه أهل الباطل يفتون بالباطل ويسمون كل مسلم بأنه خارجي ، ولكن لو فتش المسلم في كتب الفقه وشروح السنة لوقف على حقيقة الأمر ولعلم أن كثيرا من المتاجرين يضللون الرأي العام ، فهل ابن الزبير لما خرج عن عبدالملك ابن مروان سمي خارجيا كلا ، والحكم يومئذ لبني أمية يحكمون بالشريعة ، فالمتأول المجتهد على علم غير الجاهل الخارج عن جاهل مثله ، ولذلك تأمل في تعريف الخوارج الخارجين عن الدين وعن خيار المسلمين لا الخارجين عن الخارجين عن الدين ، فهؤلاء لايسمون خوارج ، نعم قد يقال بغاة (إخواننا بغوا علينا ) في حالة كانت الفتنة بين المسلمين ، والله أعلم .
نود إثراء هذا الموضوع ومناقشته بعلم والذي ليس له علم فليسكت خيرا له .
لأن العلم كما قيل نقطة كثرها الجهال .
.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
من هم الخوارج ؟
أما الخوارج فهم جمع خارجة أي طائفة، وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين .(12/283).
(وضع خطا كبيرا تحت خروجهم عن الدين وعلى خيار المسلمين ) .
أقسام الخوارج:
قال الغزالي في "الوسيط" تبعا لغيره في حكم الخوارج وجهان:
أحدهما : أنه كحكم أهل الردة، والثاني أنه :كحكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول، وليس الذي قاله مطردا في كل خارجي فإنهم على قسمين: أحدهما من تقدم ذكره، والثاني من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضا: قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق، ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة (12/285-286).
هل يقاتل الخوارج مطلقا :
يمتنع قتال من يعتقد الخروج على الإمام ما لم ينصب لذلك حربا أو يستعد لذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : "فإذا خرجوا فاقتلوهم"، وحكى الطبري الإجماع على ذلك في حق من لا يكفر باعتقاده،.(12/299).
– لَا يَجُوز قِتَال الْخَوَارِج وَقَتْلهمْ إِلَّا بَعْد إِقَامَة الْحُجَّة عَلَيْهِمْ بِدُعَائِهِمْ إِلَى الرُّجُوع إِلَى الْحَقّ وَالْإِعْذَار إِلَيْهِمْ (12/299).
– متى يقاتلون ؟:
قَالَ اِبْن هُبَيْرَة : وَفِي الْحَدِيث أَنَّ قِتَال الْخَوَارِج أَوْلَى مِنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ ، وَالْحِكْمَة فِيهِ أَنَّ فِي قِتَالهمْ حِفْظ رَأْس مَال الْإِسْلَام ، وَفِي قِتَال أَهْل الشِّرْك طَلَب الرِّبْح ، وَحِفْظ رَأْس الْمَال أَوْلَى وَفِيهِ جَوَاز قِتَال مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة الْإِمَام الْعَادِل ، وَمَنْ نَصَبَ الْحَرْب فَقَاتَلَ عَلَى اِعْتِقَاد فَاسِد ، وَمَنْ خَرَجَ يَقْطَع الطُّرُق وَيُخِيف السَّبِيل وَيَسْعَى فِي الْأَرْض بِالْفَسَادِ ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَة إِمَام جَائِر أَرَادَ الْغَلَبَة عَلَى مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ أَهْله فَهُوَ مَعْذُور وَلَا يَحِلّ قِتَاله وَلَهُ أَنْ يَدْفَع عَنْ نَفْسه وَمَاله وَأَهْله بِقَدْرِ طَاقَته ، وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِكَ فِي كِتَاب الْفِتَن ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي نَضْر عَنْ عَلِيّ وَذَكَرَ الْخَوَارِج فَقَالَ : إِنْ خَالَفُوا إِمَامًا عَدْلًا فَقَاتِلُوهُمْ ، وَإِنْ خَالَفُوا إِمَامًا جَائِرًا فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ مَقَالًا .
قُلْت (أي الحافظ): وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَل مَا وَقَعَ لِلْحُسَيْنِ بْن عَلِيّ ثُمَّ لِأَهْلِ الْمَدِينَة فِي الْحَرَّة ثُمَّ لِعَبْدِ اللَّه بْن الزُّبَيْر ثُمَّ لِلْقُرَّاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْحَجَّاج فِي قِصَّة عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الْأَشْعَث وَاَللَّه أَعْلَمُ .(121/301).
حكم الخوارج :
ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْل الْأُصُول مِنْ أَهْل السُّنَّة إِلَى أَنَّ الْخَوَارِج فُسَّاق وَأَنَّ حُكْم الْإِسْلَام يَجْرِي عَلَيْهِمْ لِتَلَفُّظِهِمْ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمُوَاظَبَتِهِمْ عَلَى أَرْكَان الْإِسْلَام ، وَإِنَّمَا فُسِّقُوا بِتَكْفِيرِهِمْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَنِدِينَ إِلَى تَأْوِيل فَاسِد وَجَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى اِسْتِبَاحَة دِمَاء مُخَالِفِيهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَالشَّهَادَة عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالشِّرْك .(12/300).