تنويه واعتذار… وهل آفة الأخبار إلا رواتها
17-03-2021 1593 مشاهدةتنويه واعتذار :
لقد نقلت في طبعة العرف الناشر في باب العقيدة والتصوف عند قول الناظم :ابن عاشر رحمه الله : يَغُضُّ عَينَهُ عَنِ المحارِمِ
ماذكره ابن كثير في البداية والنهاية من أن عبدة بن عبدالرحيم هو الذي افتتن بالنظر إلى فتاة نصرانية وارتد ، والحقيقة أن ذلك خطأ و لست أدري هل كان من ابن كثير في نقله من المنتظم لابن الجوزي فزاغت عينه ، أم من النساخ وإليك الحقيقة :
فقد حقق الأخ الفاضل ابو مسلم الصيودي الأثري حمدي حامد محمود وراجعته أنا في المنتظم فوجدته كما قال .
ذكر ابن كثير رحمه الله في تاريخه المعروف بــــــــ “البداية والنهاية” (( طبعة دار الفكر ج11 ص 64 )) في أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين قال : “وفيها توفي عبدة بن عبد الرحيم – قبَّحَه الله – ثم قال : ذكرَ ابنُ الجوزي أنَّ هذا الشقي كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم ، فلمَّا كان في بعض الغزوات ، والمسلمون مُحاصِروا بلدة من بلاد الروم ؛ إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن ، فهَوِيَها ، فرَاسَلَها : ما السبيل إلى الوصول إليكِ ؟ فقالت : أن تتنصَّر ، وتصعد إليَّ ، فأجابها إلى ذلك ، فما راع المسلمين إلا وهو عندها ، فاغتمَّ المسلمون بسبب ذلك غمًّا شديدًا ، وشقَّ عليهم مشقة عظيمة . فلما كان بعد مُدَّةٍ مرُّوا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن ، فقالوا : يا فلان ! ما فعل قرآنك ؟ ما فعل علمك ؟ ما فعل صيامك ؟ ما فعل جهادك ؟ ما فعلت صلاتك ؟ فقال : اعلموا أنِّي أُنسِيتُ القرآن كلَّه إلا قوله : {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين * ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون} ، وقد صار لي فيهم مالٌ وولد” . اهـ . قلت انا حمدي الصيودي : ذكر ابن كثير رحمه الله تعالى القصة منسوبة بالخطأ الى (عبده بن عبد الرحيم )وبالرجوع إلى المصدر الذي أحال عليه ابن كثير رحمه الله في قوله : ذكرَ ابنُ الجوزي أنَّ هذا الشقي…… يقصد ان ابن الجوزي ذكره في التاريخ وبالرجوع إلى تاريخ ابن الجوزي المعروف بالمنتظم في تاريخ الملوك والأمم (ج12/ص 301) عند الترجمة رقم 1855 قال : عبدة بن عبد الرحيم . كان من أهل الدين والجهاد. ثم ذكر هذا الإسناد أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البَيْهَقيّ، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد الله قَالَ: سمعت أبا الحسين بن أبي القاسم المذكر يقول: سمعت عمر بن أَحْمَد [بن علي] الجوهري يقول: أخبرني أبو العباس أَحْمَد بن علي قَالَ: قَالَ عبدة بن عبد الرحيم: خرجنا في سرية إلى أرض الروم، فصحبنا شاب لم يكن فينا أقرأ للقرآن منه، ولا أفقه ولا أفرض، صائم النهار، قائم الليل، فمررنا بحصن فمال عنه العسكر، ونزل بقرب الحصن، فظننا أنه يبول، فنظر إلى امرأة من النصارى تنظر من وراء الحصن، فعشقها فقال لها بالرومية: كيف السبيل إليك؟ قالت: حين تنصر ويفتح لك الباب وأنا لك. قَالَ: ففعل فأدخل الحصن، قَالَ: فقضينا غزاتنا في أشد ما يكون من الغم، كأن كل رجل منا يرى ذلك بولده من صلبه، ثم عدنا في سرية أخرى، فمررنا به ينظر من فوق الحصن مع النصارى، فقلنا: يا فلان، ما فعلت قراءتك؟ ما فعل علمك؟ ما فعلت صلواتك وصيامك قَالَ اعلموا أني نسيت القرآن كله ما اذكر منه إلا هذه الآية: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ . قلت انا حمدي الصيودي : فأنت ترى أن ابن الجوزي رحمه الله لم يذكر القصة عن عبدة بن عبدالرحيم نفسه وإنما حكى عنه انه كان معهم شاب لم يكن فيهم أقراء للقرآن منه … الى آخر القصة . بينما في البداية والنهاية لابن كثير قال : في أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين : “وفيها توفي عبده بن عبد الرحيم – قبَّحَه الله – ثم قال اي ابن كثير ذكرَ ابنُ الجوزي أنَّ هذا الشقي كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم ، فلمَّا كان في بعض الغزوات ، والمسلمون مُحاصِروا بلدة من بلاد الروم ؛ إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن فأنت ترى ان ابن كثير نسب القصة إلى عبده بن عبدالرحيم نفسه ولم يجعلها حكاية منه عن الشاب الذي كان يصحبهم ثم قال : قبحه الله …… وقال ان هذا الشقي كان من المجاهدين والمقصود بالكلام عبده وليس الشاب . فما ادري هل كان هذا الخطأ الفادح والوهم الكبير من ابن كثير نفسه رحمه الله . أم أن هناك خطأ من النساخ . ام ان عبده المذكور عند ابن كثير غير المذكور عند ابن الجوزي لا كن هذا لا يستقيم لان ابن كثير أحال على كلام ابن الجوزي رحم الله الجميع . بقي احتمال أخير وهو أن يكون الكلام المذكور خطأ مطبعي مع العلم ان الخطأ المطبعي مستبعد لأني رجعت لأكثر من طبعة للبداية والنهاية منها طبعة هجر وطبعة دار الفكر وطبعة إحياء التراث فلم أجد أي اختلاف بين الطبعات المذكورة في ذكر القصة كما أوردتها في هذا المقال من طبعة دار الفكر . وذكر القصة ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق على الصواب كما ذكرها الذهبي في التاريخ. والغريب أني لم أرى من أشار إلى ذلك فيما وقفت عليه من طبعات الكتاب ؛؛ بقي أن أقول : عَبْدة بن عبد الرّحيم – أبو سعيد المروزيّ. ويقال له: الباباني. وبابان محلة بمرو. وقد ذكر الذهبي من حدث عنهم وحدثوا عنه وقال توفي يوم عرفة بدمشق من سنة أربع وأربعين . وللاستزادة انظر ترجمته في . الجرح والتعديل 6/ 90 رقم 461، والثقات لابن حبّان 8/ 436، 437، والمعجم المشتمل 179 رقم 7578 وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 873، والمغني في الضعفاء 2/ 464 رقم 398، وميزان الاعتدال 2/ 685 رقم 5334، والكاشف 2/ 196 رقم 3577، وتهذيب التهذيب 6/ 461 رقم 950، وتقريب التهذيب 1/ 530 رقم 1421، وخلاصة تذهيب التهذيب 249. انتهى .
أحسنت