تعليم اللغة الأجنبية للأطفال

28-10-2020 1078 مشاهدة

ركن الأسرة (تربية) مجلة البيان

تعليم اللغة الأجنبية للأطفال

                                                   محمد الناصر

 

إن إتقان اللغة الأجنبية لا يتم إلا على حساب اللغة الأم لغة العرب ، ومع اللغة تدخل المُثُل التي يريدها الأعداء ، فضلاً عن الإتقان الضائع على حساب لغة القرآن .

ولا يقول عاقل أو مخلص : بتعليم اللغة الأجنبية للأطفال ونترك تعليمهم الفصحى لتشيع العامية وينتشر اللحن بين الناشئة .

( والوقت المناسب لدراسة اللغة الأجنبية يكون عادة في سن المراهقة أو قبلها بقليل ، و ذلك عندما يبدأ الناشئ يهتم بالعالم الخارجي ، وبالأقوام الذين يعيشون خارج وطنه ممن لهم به صلة في تاريخ أمته القديم أو الحديث ففرنسا وإنجلترا ومعظم دول أوربا لا تعلّم في المرحلة الأولى إلا لغة الطفل القومية ) [1] .

( وقد أدرك الإنكليز وأمثالهم أن التربية الإسلامية أكبر خطر على الاستعمار، ولكنهم لم يجابهوها بالعنف والإكراه ، وإنما عمدوا إلى إفسادها من الداخل باسم الإصلاح والتحديث . ومن النقط الأساسية التي أصبحت تحدد إطار التربية في البلاد المختلفة .. فرض لغة المستعمر ، واستعمال كل الوسائل التي تؤدي إلى ضياع لغة البلاد الأصلية .. ) . [2]

وقد فطن ابن خلدون إلى مضار الجمع بين لغتين أو علمين فيقول : ( ومن المذاهب الجميلة والطرق الواجبة في التعليم : أن لا يخلط على المتعلم علمان معاً ، فإنه حينئذ قلَّ أن يظفر بواحد منها لما فيه من تقسيم البال وانصرافه عن كل واحد   منهما إلى تفهم الآخر ، فيستغلقان معاً ويستصعبان ، ويعود منهما بالخيبة ) [3] .

والذي نلمسه بوضوح أن الإنكليز وكل الدول المستعمرة يحاولون أن يجعلوا  لغتهم لغة التعليم أينما حلُّوا ، وقد أورد الدكتور محمد أمين المصري رحمه الله    من كلام أبي الحسن الندوي قوله : ( وإن الاهتمام الزائد باللغات الأجنبية ، وإعطاءها أكثر من حقها يجعلها تنمو على حساب اللغة العربية . وإن تدريس عدة لغات في وقت ما قد أصبح موضع بحث عند خبراء التعليم خصوصاً في المراحل الابتدائية والمتوسطة ) . [4]

فما بالك أيها القارئ الكريم – بَمن هم دون تلك المراحل ؟ ممن لم يتقنوا   النطق الجيد بلغتهم بعد ، ثم يُطلب منهم معرفة لغة أقوام آخرين ؟ ! .

ومن الغرائب أن بدعة حديثة أصبحت تغزو المدارس الخاصة في ديار   المسلمين ، إذ يخصص لمادة اللغة الإنجليزية مثلاً أربع حصص في الأسبوع وأين ؟ وفي أي مستوى ؟ في رياض الأطفال ، وسن التمهيدي ، أي قبل السنة الأولى  من المرحلة الابتدائية .

وصار يعتبر ذلك معياراً لجودة هذه المدارس ، بسبب إقبال الأهالي ورغبتهم   ثم المتاجرة بهذه الرغبات .

إن تعلم لغة أخرى لضرورة ملحة ، أو أمر طارئ لا غبار عليه ؛ فزيد بن   ثابت – رضي الله عنه – كان في الحادية عشرة من عمره ، لما قدم رسول الله –   صلي الله عليه وسلم المدينة المنورة ، وكان يكتب العربية ويروي عن نفسه   فيقول : ( أُتِيَ بي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – مقدمه المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، هذا غلام من بني النجار ، وقد قرأ مما أُنزل عليك سبع عشرة سورة ، فقرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعجبه ذلك ، وقال: يا زيد تعلّم لي كتاب يهود ؛ فإني والله لا آمنهم على كتابي . قال : فتعلَّمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته ) [5]

نلاحظ هنا : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طلب من زيد أن يتعلم     لغة اليهود بعد أن حذق اللغة العربية كتابة ، وحفظ من القرآن الكريم ما حفظ .

أما أن يعلم أطفال المسلمين لغة أجنبية – وهم لا يتقنون لغتهم نطقاً أو كتابة   – فهذا لا يقوله عاقل أو منصف . ونستفيد من هذا الحديث أيضاً أن رسول الله   صلى الله عليه وسلم – كان يختار في تربيته الشخص المناسب للمكان المناسب ،  فعلينا ألا نبدد الطاقة الحية ، والكفاءة الممتازة ، ونفوّت بذلك مصلحة من مصالح   المسلمين .

وهاهو واقع المسلمين يشهد بأن الطاقات تهدر ، وفي أبناء هذه الأمة العباقرة    والممتازون ، ل

تعليقات المستخدمين

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يمكنك قراءة

  • 21 جمادى الآخرة 1442 هـ
    الناس يحبون الرجل صالحًا، ويكرهونه مصلحًا!

    الناس يحبون الرجل صالحًا، ويكرهونه مصلحًا!

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    من حكم الحكيم لقمان

    من حكم الحكيم لقمان

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    الداعية العجيب الذي عرفته…فاحتقرت نفسي

    الداعية العجيب الذي عرفته…فاحتقرت نفسي