آخر تحديث: 03:00 ص 10-03-1442 | 27-10-2020

أحكام الصلاة على الكرسي

27-10-2020 2849 مشاهدة

الخلاصة في الصلاة على الكراسي في المساجد

الخلاصة في الصلاة على الكراسي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد :
فقد كثر في الآونة الأخيرة الصلاة على الكراسي في المساجد وقد حدثت إشكالات ومسائل حول هذا الموضوع مما جعل كثير من الناس في حيرة وتساؤل بالجواز وعدمه والكيفية ، وإنه من باب تعميم الفائدة ونفع المسلمين لا بد من توضيح بعض الأمور .
بداية أقول إن المشقة تجلب التيسير ومن المعلوم أن رفع الحرج ودفع المشقة أصل قطعي من أصول الشريعة ومقصد بارز من مقاصد الشريعة السمحة دلت عليه أدلة كثيرة منها قوله تعالى { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} سورة البقرة 286 وقوله سبحانه وتعالى { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } سورة البقرة185
والقيام والركوع والسجود من أركان الصلاة ، فمن استطاع فعلها وجب عليه فعلها على هيئتها الشرعية ،ومن عجز عنها لمرضٍ أو كبر سنٍّ أو عجز فله أن يجلس على الأرض أوعلى كرسي . قال تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } البقرة/238 . وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) رواه البخاري
قال ابن قدامة المقدسي في المغني 1/443 : أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً .
وقال النووي في المجموع 4/226: أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً ولا إعادة عليه ، قال أصحابنا : ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام ؛ لأنه معذور ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي بردة سمعت أبا موسى مراراً يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا )
وحتى أنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته في مرضه على كرسي أو سرير أو دكه وكانت هذه كلها موجودة في زمن النبي صلى الله علية وسلم. وعن أنس بن مالك كما في مسند احمد قال : كان آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد متوشحا به وهو قاعد . وفي المسند أيضاً عن عائشة قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه : (مروا أبا بكر يصلي بالناس )وصلى النبي خلفه قاعداً.
فان كان الجالس على الكرسي قادراً على القيام دون مشقة كثيرة لم تصح صلاته لفوات ركن منها وينبغي عليه أن يحاول القيام ولو أثناء قراءة الفاتحة فقط ومن كان قادراً على أن يصلى على الأرض فالأولى ألا يصلي على الكرسي لأنه قد يفوته عمل السجود وهو قادر عليه فلا تصح صلاته ، ومن لا يستطيع الركوع كمصاب القدم أو القدمين ويجلس أرضاً أو على كرسي فلا يحوز له ترك السجود وهو قادر عليه فكل ركن له أحواله الخاصة به فقد يستطيع المريض القيام ولا يستطيع الركوع وقد يستطيع الركوع ولا يستطيع السجود أو لا يستطيع الركوع ويستطيع السجود فلا بد أن يؤدي ما يستطيعه من تلك الأركان وإلا لم يصح صلاته لفوات ركن منها أما في صلاه النافلة فيجوز الجلوس فيها لعذر أو لغير عذر لقوله صلى الله عليه وسلم 🙁 من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله نصف اجر القائم ومن صلى نائماً فله نصف اجر القاعد )
إي أن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة .
و أنه إن كان معذوراً في ترك القيام فلا يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي لركوعه وسجوده .
وإن كان معذوراً في ترك الركوع والسجود على هيئتهما فلا يبيح له عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي .
فالمصلي ما استطاع فعله وجب عليه فعله ، وما عجز عن فعله سقط عنه . فمن كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام ، ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما ، فإن استطاع القيام وشقَّ عليه الركوع والسجود فيصلي قائماً ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه .
قال ابن قدامة المقدسي في المغني 1/444 : ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود : لم يسقط عنه القيام ، ويصلي قائماً فيومئ بالركوع ، ثم يجلس فيومئ بالسجود ، وبهذا قال الشافعي لقول الله تعالى : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صل قائماً ) ؛ ولأن القيام ركن لمن قدر عليه ، فلزمه الإتيان به كالقراءة ، والعجز عن غيره لا يقتضي سقوطه كما لو عجز عن القراءة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
الواجب على من صلى جالسا على الأرض ، أو على الكرسي ، أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه ، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع ، أما في حال السجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع ، فإن لم يستطع جعلهما على ركبتيه ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة – وأشار إلى أنفه – واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ).
ومن عجز عن ذلك وصلي على الكرسي فلا حرج في ذلك ، لقول الله سبحانه : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق على صحته .
فإن كان المصلي سيجلس على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها فإنه يحاذي الصف بموضع جلوسه .
فإن كان سيصلي قائماً غير أنه سيجلس على الكرسي في موضع الركوع والسجود ،فإنه يحاذي الصف عند قيامه ويُبقي كرسيّه في ركوعه إن استطاع أن يركع بدونه وإذا أراد السجود سحب كرسيه وجلس عليه بحيث يبقى جسمه داخل الصف وبمحاذاته .
لذا فإن كان ولا بد من الصلاة على الكرسي فينبغي مراعاة كثير من الأمور ، أولها استواء الصف في الصلاة فقد جاء في الصحيحين عن النعمان بن بشير قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لتسوّنَّ صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم ) وعن انس بن مالك انه قدم المدينة فقيل له : ما انكرت منا منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما انكرت شيئا إلا إنكم لا تقيمون الصفوف.وعنه كما في البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة ) ولقوله صلى الله عليه وسلم (أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري ) وقال انس وهو راوي الحديث وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه .وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( راصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها ، وحاذوا بالأعناق) رواة أبو داود والنسائي
وكذلك يجب مراعاة عدم التسبب في أذية المسلمين المحاذين ومن خلف الصف باختيار كرسي لا يشغل ولا يأخذ حيزاً أو مكاناً أكثر من جسمه في الصلاة ولا كرسياً كبيراً. هذا والله أعلم وأحكم .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الراجي عفو ربّه الباري
سمير بن أحمد الحراسيس

 

تعليقات المستخدمين

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يمكنك قراءة

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    فضل الأيام العشر من ذي الحجة ورسائلها التربوية

    فضل الأيام العشر من ذي الحجة ورسائلها التربوية

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    حكم تغطية المرأة وجهها

    حكم تغطية المرأة وجهها

  • 10 ربيع الأول 1442 هـ
    تقلب الأيام في عيون الأدباء

    تقلب الأيام في عيون الأدباء

اشترك في النشرة البريدية لموقع الشيخ

ليصلك كل جديد أولاً بأول

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x