هل دوما في الكفارة سواء كفارة الجماع أو الفطر المتعمّد الأولوية للإطعام؟ ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يجد تحرير رقبة ؟ أم أنّ ترتيب هذا الأمر يختلف حسب نوع الكفارة؟ سمعت من قبل أن كفارة الجماع الاولوية صوم فإن لم يستطع فإطعام ؟.
16-03-2021
960 مشاهدة
الجواب: أكثر أهل العلم على أن كفارة الجماع على التّرتيب، فيتعيّن عتق رقبة أوّلا، فعند العجز عنها يجب صيام شهرين متتابعين، وعند العجز عن الصّوم يجزئ إطعام ستّين مسكينا.
وعند المالكيّة، وعلى رواية للحنابلة، أنّ هذه الكفارة على التّخيير، فيجزئ القيام بواحدة من الخصال الثّلاث المتقدمة: ( العتق ـ الصيام ـ الإطعام).
واعلم أنّ الكفارات المترتبة من الشارع على :الظهار ، والقتل ، والتمتع ،فهذه على الترتيب وجوبا ، وأمّا كفارة الصوم، والصيد للمحرم، وإزالة الأذى عن الرأس للمحرم ، فهذه على التخيير ، وأما كفارة الحلف فتخيير بين الإطعام والكسوة والعتق ، وترتيب للصوم ، وقال الناظم :
ظهارا وقتلا رتّبوا وتمتـّــــــــعا كما خيّروا في الصّوم والصّيد والأذى
وفي حلف بالله خيِّر ورتّبن فدونك سبعا إن حفظت فحبــــــــــــذا
قال ابن حزم : وما نعلم في هذا خلافاً.انتهى.
وقال الكاساني : وأمّا الثالث فهو كفارة اليمين لأنّ الواجب فيها أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلاً غير عين، وخيار التعيين إلى الحالف يعيّن أحد الأشياء الثلاثة باختياره فعلاً، وهذا مذهب أهل السنّة والجماعة في الأمر بأحد الأشياء أنّه يكون أمراً بواحد منها غير عين وللمأمور خيار التّعيين.
والأولوية للإطعام وهي الأفضل عند المالكية لما فيه من منفعة متعدية تعود على المجتمع بالتكافل المتسم بالرحمة والعطف ، قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة (61): ” والكفارة في ذلك إطعام ستّين مسكينا لكلّ مسكين مدّ بمدّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذلك أحبّ إلينا، وله أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين “.
قال ابن عاشر :
وفضّلوا إطعام ستين فقير مدا لمسكين من العيش الكثير
قال مقيد العرف الناشر : (وفضّلوا…إلخ)أي- المالكية – الأفضل التّكفير بالإطعام ولو كان المكفّر وليَّ أمر، لأنَّ الإطعام أكثر نفعًا لتعدّيه لأفراد كثيرين .اهـ
وقال ابن ابي زيد القيرواني : “والكفارة في ذلك إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم فذلك أحب إلينا وله أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين . اهـ.
قال ابن عبد البر: ” وان كان ذلك في رمضان فعليه الكفارة مع القضاء والكفارة في ذلك عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا أي هذه الثلاثة فعل أجزأه واستحب مالك الإطعام في ذلك” .
إنّ الحكمة من الكفّارات هو ليس الانتقام وتسليط أقسى العقوبات على العباد بقدر ماهي تربية للنفس البشرية حتى لاتطغى وتتمرّد على شريعة الله تعالى ، وتحقيقا لجوانب اجتماعية هامة ، واستدراكا لمحو الذّنوب ، ولذلك لم يكن الصيام في الكفارات هو الواجب الأوّل وإنما يطعم أو يعتق لتتحقق المنفعة المتعديّة في إعانة المجتمع من العتق من الجوع والرّق فإن عجز بعد ذلك صام ، والله أعلم .
مرتبط