هل يجوز أن أفتح حسابا جاريا في بنك ربوي
28-10-2020 3026 مشاهدة
الحمد لله
البنوك الربوية مؤسسات تقوم على الشر والفساد ، وهي تقوم بترتيب وتنظيم كبيرة من كبائر الذنوب وهي الربا ، فهي مؤسسات تحارب الله ودينه ، والوعيد على أكل الربا لا محالة طائل من قام بتأسيسه والمساهمة فيه ، ومن وضع ماله عندهم ، ومن أذن بقيامه ورخَّص له بمزاولة عمله ، فليحذر المسلم من أن يكون له صلة بتلك المؤسسات إلا أن يكون مضطراً لذلك ، ولا يجد مناصاً من ذلك .
ومن الضرورات في زماننا هذا : ما تفعله الدول والمؤسسات العامة والخاصة من تسليم موظفيها رواتبهم وحقوقهم من خلال بنوك ربوية ، وهذا الفعل حرام على تلك الجهات ؛ لأنه يقوي مكانة تلك البنوك ، ويساهم في فائدتها ، ولا يلحق الموظف حرج ولا إثم إن استلم راتبه عن طريق تلك البنوك الربوية ، لكن بشروط :
الأول : أن لا يجد الموظف طريقة أخرى غير ذلك البنك الربوي ، فإن استطاع استلام راتبه من مؤسسته ، أو استلامه من خلال بنك إسلامي : فلا يكون معذوراً .
الثاني : أن لا يدع شيئاً من راتبه لذلك البنك الربوي ، وإلا كان مساهماً في فائدتهم وانتفاعهم .
والحل لمن كان مضطراً اضطراراً ملجئاً لتلك البنوك : أن يفتح فيها حساباً جارياً ، ويكون تحويل الراتب إليه ، ومن المعلوم أن الحسابات الجارية شأنها أخف من حسابات التوفير .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" لا بأس بأخذ الرواتب التي تصرف عن طريق البنك ؛ لأنك تأخذها في مقابل عملك في غير البنك ، لكن بشرط أن لا تتركها في البنك بعد الأمر بصرفها لك من أجل الاستثمار الربوي " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 288 ، 289 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
" يوجد بعض الجهات من شركات وغير شركات تلزم الموظفين أن يفتحوا حساباً في أي بنك من البنوك من أجل أن تحيل الرواتب إلى هذا البنك , فإذا كان لا يمكن للإنسان أن يستلم راتبه إلا عن هذا الطريق : فلا بأس , يفتح حساباً ، لكن لا يدخل حساباً من عنده , يعني : لا يدخل دراهم من عنده , أما كونه يتلقى الراتب من هذا : فلا بأس " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 111 / السؤال رقم 10 ) .
ولا حرج من ترك الأموال في البنوك الربوية لحفظها ، ولكن بشروط
إيداع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز ولا يلجأ إليه المسلم إلا مضطراً وهذا لا يكون إلا بشروط ثلاثة :
1- الحاجة إلى ذلك ، وذلك بألا يوجد مكان تؤمن فيه الأموال إلا هذه البنوك . فإذا وجد مكان آخر يمكن حفظ الأموال فيه غير هذا البنك الربوي لم يجز وضع الأموال في البنك الذي يتعامل بالربا .
2- ألا تكون معاملة البنوك ربوية مائة بالمائة ، فإن كانت معاملة البنوك ربوية مائة بالمائة فإنه لا يجوز الإيداع فيها مطلقا ، لأنك إذا أودع الأموال فيها في هذه الحال تكون فإنك تتيقن أنك أعنت البنك على الربا ، وإعانته على الربا لا تجوز .
3- ألا يأخذ المودع ربحا ، فإن أخذ ربحا صار ذلك ربا ، والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين .
وأما قول السائل إنه إذا لم يأخذ الفائدة أخذها البنك .
فهذه ليست فائدة وإنما ربا محرم وهي أصلاً للبنك ، ولا يحق للمودع أن يأخذ منها شيئا ، لأن الله تعالى أمر بترك الربا ، حيث قال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة/278 . وتوعد من أخذ الربا بقوله : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/278-279 .
وينبغي التنبه إلى أن إيداع هذه الأموال في البنك ليس إيداعا بالمعنى الشرعي ، لأن الإيداع شرعاً أن تعطيه مالك ، ويبقى مالك على ما هو عليه أمانة عنده لا يتصرف فيه ، أما ما يتصرف فيه البنك فهو شرعاً قرض وليس بإيداع ، وقد نص الفقهاء على ذلك ، أنه إذا أَذِن المودِع للمودَع بالتصرف في المال فإنه يكون بذلك قرضاً . ( ولذلك تكون إدخال الزيادة عليه رباً )
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
يراجع فتاوى منار الإسلام 2/433-440 للشيخ ابن عثيمين .