هل الفخذ عورة بالنسبة للرجل ؟
27-10-2020 1410 مشاهدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الفخذ عورة أم ليست بعورة ؟ : من كتابي المناهل الزلالة في شرح وادلة الرسالة .
(والفخذ) وهو ما بين السّاق والورك (عورة وليس) هو في التحريم ( كالعورة)المغلّظة وهي السوءتان ، ولما انتفى كونه كالعورة خفّ أمره فغاية ما يقال إنه يكره مع غير الخاصّة، وهو قول جمهور السلف أنّها ليست عورة [1] لحديث أنس رضي الله عنه « أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلّينا عندها صلاة الغداة بغلس فركب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمسّ فخذ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ثمّ حسر الإزار عن فخذه حتىّ إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم . . . » الحديث أخرجه أحمد والبخاري ، ومسلم[2] ،قال الحافظ : " يمكن الاستدلال على أنّ الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك لأنّه وإن جاز وقوعه من غير قصد لكن لو كانت عورة لم يقرّ على ذلك لمكان عصمته صلى الله عليه وسلم ولو فرض أنّ ذلك وقع لبيان التّشريع لغير المختار لكان ممكنا لكن فيه نظر من جهة أنّه كان يتعيّن حينئذ البيان عقبه كما في قضية السّهو في الصلاة ، وسياقه عند أبي عوانة والجوزقي من طريق عبد الوارث عن عبد العزيز ظاهر في استمرار ذلك ولفظه : « فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمسُّ فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم وإنّي لأرى بياض فخذيه »[3] . قال : ( وظاهر قول أنس هذا أنّ المسّ كان بدون الحائل ومسّ العورة بدون الحائل لا يجوز )[4]. وقال ابن حزم : ( فصحّ أنّ الفخذ ليس عورة ولو كانت عورة لما كشفها الله عزّ وجل عن رسوله صلى الله عليه وسلم المطهر المعصوم من النّاس في حالة النبوة والرّسالة ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره وهو تعالى قد عصمه من كشف العورة في حال الصّبا وقبل النبوة )[5] . ولذا قال السيوطي في حاشيته على النّسائي – تعليقا على قول أنس هذا – : هذا دليل لمن يقول : إنّ الفخذ ليس بعورة . وهو المختار.اهـ [6] والحرمة بعيدة لأنّه عليه الصّلاة والسّلام كشَف فخذه مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ففي مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته كاشفا فخذيه وساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحالة فتحدّث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدّث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوَّى ثيابه فدخل وتحدّث معه، فلمّا خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تباله، ودخل عمر فلم تباله، أي لم تهتمّ لدخولهما وتستر فخذيك، ثم دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك ؟ فقال: ألا أستحي من رجل تستحيي منه الملائكة » [7]. والاستحياء منه مزيّة وهي لا تقتضي الأفضلية، والتّغطية أفضل وأحوط ، ولذلك قال البخاري رحمه الله تعالى وهو من فقهه ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه و سلم ( الفخذ عورة ) . وقال أنس حسر النبي صلى الله عليه و سلم عن فخذه وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافه . وقال أبو موسى: غطّى النبي صلى الله عليه وسلم ركبتيه حين دخل عثمان ؛ وقال زيد بن ثابت : أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت عليّ حتّى خفت أن ترضَّ فخذي" [8].
والأحوط تغطيتها حتى لاتفتن النساء .
[1] – البيان والتحصيل (18/277).
[2] -، أحمد (3/101) ،و مالك : الجهاد (1020).و البخاري : الصَّلَاةِ (371) ،و مسلم : النكاح (1365) .
[3] – الفتح (1/573).
[4] – المرجع السابق .
[5] – المحلى (2/340) مَسْأَلَةٌ الْعَوْرَة الْمُفْتَرَضُ سَتْرُهَا عَلَى النَّاظِرِ وَفِي الصَّلاةِ مِنْ الرَّجُلِ .
[6] – حاشية السيوطي على النسائي (2/92).
[7] – أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (603) و"مسلم ( 7/116).
[8] – البخاري ( 3492 و 4316 ).