سلسلة التوحيد عند المالكية (3)
30-12-2022 480 مشاهدة#سلسلة_التوحيد_عند_المالكية (3).
بسم الله ، والحمد لله :
ذكر ابن رشد رحمه الله تعالى أن ما أورده مالك من أثر عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى حين أصلح ما انهدم من حائط بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وستره القبر ، ثم قال : « وإنما ستر القبر على الناس وبنى عليه بيتا صيانة له، مخافة أن ينقل ترابه ليشفى به ، أو يتخذ مسجدا ليصلى فيه ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللهم لاتجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد » رواه البخاري(1330).
هل تعرف ماالفرق بين الصنم والوثن؟ :
قال ابن منظور في اللسان: الصنم معروف واحد الأصنام، يقال إنه معرب شمن وهو الوثن.
قال ابن سِيدَه وهو يُنحت من خشب ، ويصاغ من فضة ونحاس والجمع أصنام ، وقد تكرر في الحديث ذكر الصنم والأصنام وهو ما اتُخِذَ إلها من دون الله، وقيل هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن.
قال ابن عرفة: ما اتّخذوه من آلهة فكان غير صورة فهو وثن، فإذا كان له صورة فهو صنم خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد والصنم الصورة بلا جثة ومن العرب من جعل الوثن المنصوب صنما..
وأما من الناحية الشرعية فلا فرق بينهما فكل ما عبد من دون الله تعالى فهو صنم ووثن.
وبعد أن ذكر القاضي عياض رحمه الله تغليظ النبي صلى الله عليه وسلم : عن أن يتخذ قبره مسجدا قال : «ولأنّ هذا كان أصل عبادة الأصنام )) (إكمال المعلم : 2/450).
قال ابن عبدالبرّ رحمه الله : «وكان رسول الله ﷺ يحذر أصحابه وسائر أمّته من سوء صنيع الأمم قبله ، الذين صلّوا إلى قبور أنبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا، كما صنعت الوثنية بالأوثان التي كانوا يسجدون إليها ويعظمونها، وذلك الشرك الأكبر، فكان يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه وأنه مما لا يرضاه، خشية عليهم أمثال طرقهم » (التمهيد : 5/45) .
هل رأيتم من يسجدون في بلاد المسلمين للقبور ؟ ، لقد رأيتهم بأم عينيّ .ولقد رآهم من يزعم الفقه والصلاح والاتباع ولم يغير منكرا، رآهم كثير من منتسبي العلم ، وقالوا جهال ، قلنا نعم ، ومافضل علمكم عليهم ، غذ لم تبينوا لهم خطأهم ، وهل تظنون أنكم ناجون يوم القيامة وقد تركتموهم يعبدون غير الله أمام أعينكم ،،، أم خشيتكم على قدسيتكم أن تسقط ؟ ،
اتفق علماء الملة على كفر من سجد للصنم ، لاختصاص السجود بالله تعالى .
وقد بين بعض المالكية أنّ شبهة المشركين قديما وحديثا في وقوع الشرك طلب الشّفاعة من هؤلاء الشّركاء ؛ لما لهم من المنزلة والجاه عند الله ، كما قال تعالى: (( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )) (يونس : 18).
وقوله تعالى: ((ما تعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى )) [الزمر : 3].
وبين ابن عطية رحمه الله السبب في ذلك ، فيقول : «وكأن هذه الطوائف كلها كانت ترى نفوسها أقلّ من أن تتّصل هي بالله ، فكانت ترى أن تتصل بمخلوقاته » (المحرر الوجيز : 12/499) .
فهل غلط ابن عطية في تفسيره ، أم أخطأ هذا الشيخ في مصيره ؟ ؟؟؟.
يعني بذلك الكفار الذين عبدوا الملائكة، والذين عبدوا الأصنام، أو الذين عبدوا عيسى أو عزيرا، فإن جميعهم قالوا هذه المقالة»(
ولهذا ذكر الميلي أن المشركين «لم تزد عقيدتهم في أوليائهم وشركائهم عن تعليقهم الآمال عليهم في تحقيق مآربهم من الله؛ لما لهم عنده في زعمهم من المنزلة والجاه ، كما ينظر الناس إلى من يتصلون به من حاشية أمير أو ملك في إسماعه مطالبهم “(رسالة الشرك ومظاهره:83).
فهذه هي مبرراتهم :
هم أفضل منا .
هم أقرب إلى الله منا .
هم يعطيهم الله ، وهم يعطوننا !!!!
نحن لانستطيع أن نخاطب الله مباشرة هم ليس بينهم وبين الله واسطة ؟؟؟!!!!
نحن ضعفاء في العبادة .
النتيجة : أن ندعوهم ، فيستجيبون لنا ويعطوننا مما أعطاهم الله !!!… التحويل البنكي .
تأملوا هذا الكلام وتأملوا قول الله تعالى الواضح والصريح :
قال الحق سبحانه : (( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ))إذا الملك لله وحده ، لايشاركه في التصرف فيه أحد ، ومن قال أن فيه من يتصرّف معه فهو كافر زنديق كذّب القرءان ،
قال تعالى (( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ )) أي الذين تستغيثون بهم وتدعونهم من دون الله ولو كانوا رسلا أوأنبياء أوملائكة أوأولياء أحياء وأمواتا ، مايملكون من قطمير ، والقطمير : أي شيء يسير ، واصله قشرة النواة الرقيقة .
هل يسمع المدعو من دون الله دعاء من يدعوه ؟.
الإجابة من الله تعالى : (( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ )) .
طيب فَرَضًا ، لو سمعوا ، هل يستجيبون لمطالب الداعي ؟ .
الإجابة ، قال تعالى : (( وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ )) فاطر : (14).
فأوضح أن تلك الوجهة الخاطئة منهم هي التي أوصلتهم إلى الشرك بالله تعالى .
وعلى هذا ذكر ابن جزي أن تلك هي مقولة جميع المشركين، عند قوله تعالى : (( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) .التسهيل (3/ ٤١٤). .
ووالله ، وتاالله ، وبالله ، هو الذي سمعناه من بعض المشايخ أن هؤلاء الصالحين اقرب إلى الله منا ، والله يعطيهم ونحن نسألهم ونتوسل بهم ونستشفع بهم فيعطوننا ، … سبحان الله كيف أرخص نفسه، ولم يجعل لها حظاّ عند الله ، والله جل جلاله ، طمِع في رحمته وعطائه اللعين إبليس وسأله ان ينظره لعلمه بعطاء الله تعالى (( انظرني إلى يوم يبعثون )) …
وطمع في تخليصه من كربه المشرك ودعاه بإخلاص عندما اسقط الوسائط وأعطاه ، أفلا يعطي الموحد قال تعالى : (( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ )) يونس .
سبحان الله ! لقد كنت مرة في طائرة متوجهة إلى بلد عربي ، وبدأت تهتز اهتزازا شديدا وإذا ببعض الأصوات تستغيث بسيدي عبد القادر ، فقلت : ما أعقلَ أهل الجاهلية والشّرك الذين كانوا يخلصون في الكرب في دعائهم الرّبّ المعبود سبحانه ، ويتركون ماسواه من شركاء لعلمهم يقينا أن الذي سينجيهم هو الله سبحانه ، وما أبعد هؤلاء الذين يزعمون التوحيد وهم في حالة كرب وشدّة يدعون المخلوق الهالك .
أبوسليمان مختار العربي مومن 22ربيع الا×ر 1444