التقويم السنوي للصلاة بين الحقيقة والجدال

27-10-2020 1451 مشاهدة

 

من كتابي ( الإمام في فضل الإمامة وفقه الإمام )
وجوب مراعاة الإمام والمؤذّن لأوقات الصّلاة :

لما كانت الصّلاة من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلمون لربهم ،  فقد ربطها الحكيم اللطيف بالظواهر الكونية المتاحة لكلّ إنسان في البر والبحر والجو،  بدويا كان أم حضريا،  عالما أو متعلما أو أميا،  وذلك من محاسن التشريع  من الله العليم البديع،  وأوقاتها محدّدة شرعا بالكتاب والسنّة والإجماع ،  قال تعالى  : ﴿  فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ * ﴾[الروم:17-18]،  قال التتائي : فتمسون دل على المغرب والعشاء ،  وتصبحون على الصبح ،  وعشيا على العصر ،  وتظهرون على الظهر ،  وقوله ﴿  أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرءان الفجر ﴾[الإسراء:78] ،   قال التتائي : دلّت الآية على ثلاثة أوقات  : الظهر بدلوكها،  وهو ميلها . وعلى العشاء بغسق الليل . والصبح بقرءان الفجر،  وقيل دلت على الخمس : فدلوكها على الظهر والعصر؛ وغسق الليل على المغرب والعشاء ؛ وقرءان الفجر على الصّبح[1]

وقد وردت أحاديث كثيرة صحيحة بيّنت أوقات الصّلوات فمنها :

حديث  ابن شهاب  :"  أنّ عمر بن عبد العزيز أخَّر الصلاة يوما،  فدخل عليه عروة بن الزبير ،  فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخَّر الصّلاة يوما وهو بالعراق،  فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري،  فقال: ما هذا يا مغيرة  ؟ أليس قد علمت أنّ جبريل عليه السلام نزل فصلَّى فصَلَّى رسول الله رضي الله عنه   ؛ ثم صلى فصلى رسول الله رضي الله عنه؛ثم صلى فصلى رسول الله رضي الله عنه   ؛ ثم صلى فصلى رسول الله رضي الله عنه   ؛ثم صلى فصلى رسول الله رضي الله عنه   ؛ ثم قال ( بهذا أمرت ) . فقال عمر لعروة: اعلم ما تحدّث؛  أَوَ إِنَّ جبريلَ هو أقام لرسول الله رضي الله عنه     وقت الصلاة ؟ قال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه .قال عروة: ولقد حدثتني عائشة رضي الله عنها  أن رسول الله رضي الله عنه    كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر ) [2].

وحديث  نَافِعٍ مَوْلَىٰ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ،  أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَىٰ عُمَّالِهِ: إِنَّ أَهَمَّ أَمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلاَةُ،   فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا،   حَفِظَ دِينَهُ،   وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ. ثُمَّ كَتَبَ أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ،   إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعاً،   إِلَىٰ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ. وَالْعَصْرَ،   وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ،   بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ،   قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً،   قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ،   وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَالْعِشَاءَ،   إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَىٰ ثُلُثِ اللَّيْلَ،   فَمَنْ نَامَ فَلاَ نَامَتْ عَيْنُهُ،   فَمَنْ نَامَ فَلاَ نَامَتْ عَيْنُهُ،   فَمَنْ نَامَ فَلاَ نَامَتْ عَيْنُهُ. وَالصُّبْحَ،   وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ »[3]  .

ولحديث  جبريل عليه السلام  في إمامته نبينا صلى الله عليه وسلم    وتعليمه  أوقات الصلاة ،  وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم   الناس فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ  رضي الله عنه،  «  أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِـيَّ صلى الله عليه وسلم    يُعَلِّمُهُ مَوَاقِيتَ الصَّلاَةَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ     رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم    فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ،  وَأَتَاهُ حِينَ كَانَ الظِّلُّ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم    خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم    فَصَلَّى الْعَصْرَ،  ثمَّ أَتَاهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم    خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم    خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ فَتَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم   خَلْفَهُ وَالنَّاسُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم    فَصَلَّى الْغَدَاةَ،   ثُمَّ أَتَاهُ الْيَوْمَ الثَّانِي حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصِهِ فَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شَخْصَيْهِ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، فَنِمْنَا، ثُمَّ قُمْنَا ،ثُمَّ نِمْنَا، ثُمَّ قُمْنَا ،فَأَتَاهُ فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ أَتَاهُ حِينَ امْتَدَّ الْفَجْرُ وَأَصْبَحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ، فَصَنَعَ كَمَا صَنَعَ بِالأَمْسِ ،فَصَلَّى الْغَدَاةَ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَـيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ وَقْتٌ»[4].

وحديث  أَبي بَكْرِ بْن ِأَبِي مُوسَىٰ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ  صلى الله عليه وسلم    أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاَةِ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئاً. قَالَ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ،   وَالنَّاسُ لاَ يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالظُّهْرِ، حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ ،  وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ انْتَصَفَ النَّهَارُ، وَهُوَ كَانَ أَعْلَمَ مَنْهُمْ ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ بِالْمَغْرِبِ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ، ثُمَّ أَخَّرَ الْفَجْرَ مِنَ الْغَدِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْهَا، وَالْقَائِلُ يَقُولُ قَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ،   ثُمَّ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى كَانَ قَرِيباً مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ بِالأَمْسِ،   ثُمَّ أَخَّرَ الْعَصْرَ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْها. وٱلْقَائِلُ يَقُولُ قَدِ احْمَرَّتِ الشَّمْسُ،   ثُمَّ أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ. ثُمَّ أَخَّرَ الْعِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ. ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ: «الْوَقْتُ بَيْنَ هٰذَيْنِ». رواه مسلم .وغيرها  

فهذا الأحاديث وأمثالها يبين لنا مواقيت الصلاة بالعلامات الطبيعية التي هي أساس التقويم الفلكي،  والساعات الفلكية ومايسمى بـــــــــ: ( المزاول ).

ولذا فإن أوقات الصلاة بينها النبي صلى الله عليه وسلم  وحددها بأمارات ثابتة،   وإن اختلفت من مكان إلى مكان،   ومن زمان إلى زمان،   وهذه الأوقات بغض النظر عن اختلاف الفقهاء في بعض التفريعات هي :

وقت الظهر: يدخل وقت الظهر عقب زوال الشمس،  فمتى انحرفت الشمس عن وسط السماء،  فإن وقت الظهر يبتدئ ويستمر إلى أن يبلغ ظل كل شيء مثله،  وذلك بالإضافة إلى الظل الذي كان موجودا لهذا الشيء عند الزوال،  وقد خالف فِي ذلك المالكية،  فقالوا : إن هذا هو وقت الظهر الاختياري،  أما وقته الضروري فهو من دخول وقت العصر الاختياري،  ويستمر إلى وقت الغروب .

وقت العصر: يبتدئ وقت العصر من زيادة ظل الشيء عن مثله بدون أن يدخل فِي ذلك الظل الذي كان موجودًا عند الزوال،  وينتهي عند غروب الشمس،  أما المالكية فقالوا : إن للعصر وقتان ضروري واختياري،  فأما الضروري فإنه يبتدئ باصفرار الشمس فِي الأرض والجدران لا باصفرار عينها،  لأنها لا تصفر حتى تغرب ويستمر إلى الغروب،  وأما وقته الاختياري فهو من زيادة الظل عن مثله،  ويستمر لاصفرار الشمس،  والمشهور أن بين الظهر والعصر – عند المالكية – اشتراكًا فِي الوقت بقدر صلاة أربع ركعات فِي الحضر،  واثنتين فِي السفر .

وقت المغرب: يبتدئ وقت المغرب بعد مغيب جميع قرص الشمس تحت الأفق،  وينتهي وقت المغرب بانتهاء الشفق الأحمر .

 

وقال الحنفية : إن الأفق الغربي يعتريه بعد الغروب أحوال ثلاثة متعاقبة،  احمرار،  فبياض،  فسواد . وإن الشفق المقصود هنا هو الشفق الأبيض بظهور السواد،  فمتى ظهر السواد انتهى وقت المغرب .

وقال المالكية : إنّه لا امتداد لوقت المغرب الاختياري،  وأن وقت المغرب هو فقط بقدر الزمن الذي يحتاج إليه الإنسان لأداء الأذان والإقامة والطهارة ثم الصلاة،  وبذلك ينتهي وقت المغرب،  أما وقتها الضروري فهو من عقب الوقت الاختياري،  ويستمر إلى طلوع الفجر .

وقت العشاء: يبتدئ وقت العشاء من مغيب الشفق الأحمر،  ويستمر حتى طلوع الفجر الصادق . وقال الحنابلة : إن للعشاء وقتين،  الأول الوقت الاختياري،  وهو من مغيب الشفق إلى مضي ثلث الليل الأول . والثاني وهو وقت الضرورة يبتدئ من أول الثلث الثاني من الليل ويستمرّ إلى طلوع الفجر الصّادق . وقال المالكية مثل ذلك .

وقت الصبح: يبدأ وقت الصبح من طلوع الفجر الصادق،  وهو أول ظهور ضوء الشمس – الغير مباشر – السابق عليها والذي يظهر من جهة المشرق،  ثم ينتشر حتى يعم الأفق جميعه،  ويصعد إلى السماء منتشرًا . أما الفجر الكاذب،  فلا عبرة به،  وهو الضوء الذي لا ينتشر،  ويظهر مستطيلاً دقيقًا يتجه إلى السماء وعلى جانبيه ظلمة .

ويمتد وقت الصّبح ( الفجر ) إلى طلوع الشمس . وقال المالكية : إن للصبح وقتين،  الأول اختياري وهو من طلوع الفجر الصادق ويستمر حتى الإسفار المبين – أي ظهور الضوء الذي تبدو به الوجوه بالبصر المتوسط في المكان المكشوف ظهورًا بينًا،  وكذلك تختفي فيه النجوم،  والثاني ضروري،  وهو الوقت الذي يلي ذلك الوقت الاختياري ويستمر إلى طلوع الشمس .

ونستخلص مما سبق أن البدايات الشرعية لمواقيت الصلاة الخمسة هي : يبدأ دخول وقت الظهر بعد زوال الشمس،  ويبدأ دخول وقت العصر عندما يصير ظل الواقف رأسيًا مثل طوله زائدًا عليه طول ظله وقت الزوال،  ويبدأ وقت المغرب بعد مغيب قرص الشمس تمامًا تحت الأفق،  ويبدأ دخول وقت العشاء بعد زوال الشفق الأبيض ودخول ظلمة الليل،  كما يبدأ وقت الصبح ( الفجر ) عند بداية ظهور الضوء الأبيض – أي الفجر الصادق .

وإذا جمعنا بين الوقت الاختياري والوقت الضروري على رأي بعض الأئمة الفقهاء فإن النهايات الشرعية لمواقيت الصلاة تكون كالآتي :

ينتهي وقت صلاة الصبح عند أول ظهور لقرص الشمس من تحت الأفق،  وينتهي وقت الظهر عندما يصير ظل الجسم الرأسي مثل ارتفاعه مضافًا إليه ظل الجسم وقت الزوال،  وينتهي وقت العصر باختفاء قرص الشمس تحت الأفق،  ثم ينتهي وقت المغرب بانتهاء الشفق الأبيض،  كما ينتهي وقت العشاء بظهور الضوء الأبيض فِي المشرق – أي طلوع الفجر الصادق .

ومن ذلك نجد أنه يمكن الوصل بين بدايات الصلوات المفروضة وبين نهايات البعض الآخر منها . فإن ابتداء دخول وقت العصر يعني انتهاء وقت الظهر،  وأن دخول وقت المغرب هو انتهاء وقت العصر،  وأن ابتداء وقت العشاء هو انتهاء وقت المغرب،  وكذلك فإن ابتداء وقت الصبح هو انتهاء وقت العشاء،  وأما انتهاء وقت الصبح فيكون بأول بزوغ قرص الشمس من تحت الأفق .

 

وعلى ذلك نجد أن المواقيت المطلوب تعيينها لتحديد البدايات والنهايات لمواقيت الصلوات الخمسة هي ستة أوقات فِي كل يوم من الأيام وهي أوقات الشروق والزوال والغروب وانتهاء الشفق وطلوع الفجر الصادق،  وعندما يبلغ ظل الجسم الرأسي مثل طوله مع إضافة ظل الزوال إليه" [5] . "

ومن أراد الاطلاع على المعادلات الرياضية لحساب مواقيت الصلاة فلينظر العدد الثالث من مجلة البحوث الإسلامية والتي تصدرها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بأرض الحرمين ففيها تفصيل شاف .والله الموفق .

التيسير لا التعسير في شأن التّقاويم الحسابية :

"وقد يسّر الله على المسلمين اليوم وجود التقاويم المتداولة التي تبين أوقات الصلوات مفصلة،   يومًا بيوم،   صيفًا وشتاءً،   مراعية اختلاف المدن في البلد الواحد،   ولو كُلِّف كل إنسان أن ينظر كلّ يوم في الأفق ليحدّد ابتداء وقت الفجر،   أو يتأمّل في الظل وطوله وقصره ليعرف وقت الظهر والعصر،   لكان في ذلك مشقّة وحرج،   وهما منفيان في هذه الشريعة المطهرة،  والسبب في وجود هذه التقاويم هو: أن الإنسان موجود في عالم متغيّر،   يفكر محاولاً إيجاد وسائل تعينه على معرفة الوقت،   فنجد أنّه اعتمد في بداية الأمر على تكرار الظّاهرة الكونية بشكل دوريّ، وما قد يحدث في ذلك من تفاوت من فترة إلى أخرى،   ثم دفعه بعد ذلك إلى الاعتماد على الساعات،   الشمسية التي كانت مقياسًا للوقت لآلاف السنين؛ ثم لجأ إلى أجهزةٍ عدّة لقياس الوقت،   قام باستنباطها بطرق أولية،   فاخترع الساعات الميكانيكية في القرن الثالث عشر الميلادي تقريبًا،   وانتشر استعمالها في القرن الخامس عشر الميلادي وما بعده،   وتلك أجهزة مكّنت الإنسان من معرفة الوقت بدقّة،   تصل إلى أقلّ من دقيقة واحدة في اليوم،   ثم توصل إلى اختراع الساعة ذات الرقاص في القرن الثامن عشر الميلادي،   حيث حقّقت مزيدًا من الدقة في قياس الوقت،   وصلت إلى عدة ثوانٍ في اليوم،   ولا يزال اختراع الأجهزة المتطورة في قياس الوقت مستمرًا،   وهي ذات دقة عالية في ضبط الوقت ".[6]

وتشتدّ هذه الأهمية حينما يتعلق ذلك التّحديد بأوقات الصلوات الخمس المفروضة،   لتكررها لعموم المسلمين،   وتعلق دخول بعض أوقاتها بوقت الإمساك،   أو الإفطار في صيام رمضان.

ومع هذا كله فإن تحديد مواقيت الصلاة عن طريق الحساب كان معروفًا لدى متقدمي المسلمين،   إلا أن استعمال هذا الحساب قد تطور عبر العصور بتطور الآلات المستخدمة في العمليات الحسابية الإلكترونية في حل  معادلات حسابية رياضية دقيقة [7]؛ ومع ظهور آلات الطباعة وجد ما يُعرف بالتقويم اليومي.

ما هو التقويم؟، وعلى ماذا يعتمد؟:

يعتمد التقويم على عمليات حسابية دقيقة،   يقوم بها بعض المختصين عن طريق الربط بين حركة الشمس،   والتي هي المعتمد والمعوّل عليه في تحديد أوقات الصلاة،   وحساب ساعات النهار والليل في عدد المدن المختلفة المواقع،   ويعتبر في ذلك فروق التوقيت في كل وقت،   وفي كل يوم،   ويمكن بعمليات حسابية إضافية تحديد أوقات الصلوات في سائر المدن والقرى،   ويتم إصدار مثل هذا التقويم بصورة سنوية مبيَّنًا فيه أوقات الصلوات الخمس في عدد من المدن بالتوقيت الغروبي والزوالي أو بأحدهما.  ومع وجود الحاسبات الآلية فإنّه يمكن بعملية حسابية إصدار تقويم زمني يحدد فيه مواقيت الصلوات لسنوات عديدة قادمة. ومع التطور في الأخذ بما يعين على تحديد الأوقات من حساب وآلات مما يفيد في تحديد أوقات الصّلاة،   كان لفقهاء المسلمين وقفة مع الأخذ بذلك.

ولما كان المعوَّل –كما ذكرت- في تحديد مواقيت الصلاة هو حركة الشمس الظاهرية نظرًا لتعيين الشّرع،   فإنّه لا بدّ من الرّبط بين ذلك التّعيين والفلك والحساب[8].

وقد أصبح سكوت العلماء بمثابة الإجماع السّكوتي على جواز الأخذ بالتقويم اليومي مادامت تصدره جهات مختصّة وموثوقة،  اللّهمّ إلاّ أن اطّلع على فساد ذلك فيجب تقويمه وعدم الأخذ به إلاّ بعد مراجعة أهل الاختصاص في ذلك،   ولايحلّ لمسلم أن يشوّش على المسلمين في أوقات صلواتهم بحجّة أن هذه التقاويم غير دقيقة وهو في واقع الأمر لم يكلف نفسه حتى بالخروج إلى أقرب مكان ليست فيه الأضواء ليميز الفجر الصادق،  ويتبين الأمر على حقيقته،  ولكنه أخلد إلى الإشاعات التي يتناقلها النّاس،  والله عزّ وجلّ قتال في كتابه ﴿ فتبيّنوا ﴾ وفي قراءة ﴿ فتثبّتوا ﴾،  وإيّاكم والظن فإن الظن أكذب الحديث،  وقد خرجت مرات للبادية للتّأكد من صحّة هذه التّقاويم فوجدت مرّة في الشتّاء أنّ الأذان حسب هذه التّقاويم يؤذن له بعد طلوع الفجر الصّادق بسبع دقائق، وخرجت في الصّيف فوجدت فيه خللا ظاهرا حيث كانوا يؤذّنون قبل طلوع الفجر بحوالي سبع دقائق،  وأخشى ما أخشاه عدم وقوف المسؤولين في التدقيق ومتابعة المكلفين على تلك التقاويم،  فليتق الله من بيده الأمر في هذا الشأن فإن الصلاة أعظم مايتقرب به إلى الله فلنجتهد في إيقاعها في وقتها المشروع،  ولننبذ التّنازع والتّقريع .

ونحمد الله أن جعل هذه العبادات متعلقة بأسباب ظاهرة ، وآيات كونية باهرة ، يتتبع المسلم أينما كان أوقات الطاعات فيجدها ماثلة أمامه لايحجبها عنه إلا الغفلة والعجز ، وانظر إلى صاحب البيان ، ومبين الأحكام عندما حدد لك وقت الصلوات ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم  قال:  « وَقْتُ الظهر إذا زالت الشمس،   وكان ظل الرجل كطوله،   ما لم يحضر وقت العصر،   ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس،   ووقت المغرب ما لم يغب الشفق،   ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط،   ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشّمس » [9].

فزوال الشّمس وغروبها،   وطلوع الفجر،   يختلف من مكان إلى آخر،   ولكلّ بلد حكمه بحسب هذه الضّوابط،   والأئمّة والمؤذّنون محمولون على العدالة،   ومعرفة الأحكام،   ويقلّدون في أوقات الصّلاة وما يتبع ذلك من الصوم والفطر    
وهذه الضوابط التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم  هي المعوَّل عليها في تحديد أوقات الصلوات – ابتداء وانتهاءً – لصلاحيتها لكلّ زمان ومكانٍ،   ولتمكُّن كل أحد من معرفتها وإدراكها والاستدلال بها   
وأمَّا ما سواها من تقاويم ونحوها،   فإنّما هي وسائل لتسهيل معرفة تلك الضوابط والعمل بمقتضاها   
والواجب على المسلم هو التّعويل أساساً على الضوابط التي وضعها الشارع،   ولا حرج في الاستدلال عليها بما يعين على معرفتها مما وضعته جهات مختصة موثوق بعلمها وأمانتها

 وينبغي له أن يتحفظ على الأوقات أكثر من تحفظ المؤذّن عليها،   إذ أنّه قد يخطئ المؤذّن في بعض الأوقات فيكون ذلك سببا لإيقاع الصلاة في غير وقتها،   والمؤمن كفيل لأخيه فإذا كان الإمام يتحفظ على الأوقات فقلّ أن يتأتّى خطؤهما معا،   بل إذا أخطأ هذا أصاب هذا في الغالب،   ومذهب مالك – رحمه الله -: أنّ معرفة الأوقات فرض في حقّ كلّ مكلّف،   وإذا كان ذلك كذلك فما بالك بمن له الإمامة إذ به الحلّ والرّبط في الصّلاة.

وقد ورد سؤال على دار الإفتاء المصرية :

تحت الرقم المسلسل : 2706

"حيث جاء السؤتال بالصيغة التالية :  نحن من أئمة مركز ومدينة المحلة الكبرى؛ نحيط سيادتكم علمًا بأن القائمين على المساجد اعتادوا على أن يرفعوا الأذان بعد انتهاء الأذان في الإذاعة والدعاء بعده؛ نظرًا لأن النتائج لم يكن فيها غير توقيت القاهرة والإسكندرية، وظل الأمر على ذلك سنوات، ثم ظهرت النتائج تحمل توقيت مدن أخرى ومنها مدينتي طنطا والمحلة، فلم يلتفت الناس وساروا على عادتهم، ثم انتبه البعض فوجد أن النتائج جميعها ومنها النتيجة الخاصة بالهيئة العامة المصرية للمساحة قسم النتائج والتقويم على موقعها، أن توقيت أذان المحلة قبل توقيت أذان القاهرة مما أدى إلى اختلافٍ بين الأئمة؛ فمنهم من راعى اعتراض الناس فلم يُعِر ذلك اهتمامًا، أو خشي من رد الفعل فاستمر على ما كان عليه، ومنهم من وجد مُسوِّغًا للقول بأن أذان الصبح الآن قبل موعده الشرعي بثلث ساعة، ومنهم من رأى أن ذلك يؤدي إلى شبهة على الأقل في الصيام في رمضان؛ إذ إن التوقيت الذي ينبغي أن يُمسك فيه عن الطعام هو قبل أذان القاهرة، وهو في الواقع لا يمسك إلا بعده، أي بعد أذان الفجر بتوقيت محافظته وهي المحلة (وذلك في الدقائق التي قبل أذان القاهرة، والدقائق التي بقَدْر ما يسمع أذان الراديو والدعاءَ بعده)؛ حيث إن الناس لا يُمسكون إلا بسماع الآذان في الأحياء التي يعيشون فيها فحَمَل الناس على التوقيت الذي أخبر به أهلُ الذكر في المسألة.
وتعدد الآراء في هذا الأمر أحدث بلبلة وتعدُّدًا في وقت رفع الأذان في الحي الواحد.
وقد اتفق الجميع (الأئمة والأهالي) على أنه لو جاءهم منشور أو بيان او إفادة من الجهة المختصة فسيرتفع الخلاف بينهم؛ فنحن في انتظار إفادتكم لقطع الخلاف ومنع أسباب الفتنة خاصة وقد اقترب شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات. والله المستعان وعليه التكلان.

فأجابت اللجنة بما يلي :

"من المقرر شرعًا أن كافة الأمور العلمية يُرجَع فيها إلى أهل العلم والاختصاص بها، وهم أهل الذكر الذين سمى الله تعالى في كتابه الكريم وأَمَر بالرجوع إليهم في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].  
ومن المقرر شرعًا أن لكل صلاة وقتًا ضبطه الشرع الشريف؛ من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله، وفهِمَه الفقهاء فعيَّنوه في كتبهم وفَصَّلوا القول في ذكر علاماته.
وقد فَهِم علماء الفلك والمختصون في المواقيت هذه العلامات والمعايير الشرعية فَهمًا دقيقًا، ووضعوها في الاعتبار، وضبطوها بمعايير العصر الفلكية، ووقَّتوها به توقيتًا دقيقًا.
فالتوقيتُ الحاليُّ صحيحٌ يَجبُ الأخذُ به؛ لأنه ثابِتٌ بإقرارِ المُتخصِّصين، وهو ما استَقَرَّت عليه اللِّجانُ العِلمية، ولا ينبغي إثارةُ أمثالِ هذه المسائلِ إلَّا من المتخصِّصين في الغُرَفِ العِـلميةِ المُغلَقةِ التي يَخرجُ بَعدَها أهلُ الذِّكر فيها؛ مِن الفَلَكِيِّين وعلمـاءِ الجيوديسيا بقرارٍ مُوَحَّدٍ يَسِيرُ عليه الناسُ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، وما لم يَحصُل ذلك فالأصلُ بَقاءُ ما كان على ما كان؛ لأنَّ أمرَ العباداتِ الجماعيةِ المُشتَرَكةِ في الإسلام مَبنِيٌّ على إقرارِ النِّظامِ العامِّ بِجَمْعِ كَلِمَةِ المسلمين ورَفْضِ التناوُلَاتِ الانفِرادِيَّةِ العَشْوَائيَّةِ للشَّعَائرِ العامَّة، وفي مِثلِ ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» أخرجه الترمذي وصَحَّحَه مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.   
ولا يجوز بحالٍ تجاهل العمل بهذه الأوقات المحددة من قِبل أهل الاختصاص؛ لأنها تحدد أوقات العبادات، وتُبنَى عليها أحكامها، ومن المقرر شرعًا أن دخول وقت الصلاة شرطٌ من شروط إقامتها، ودخولَ وقت الفجر موجبٌ للإمساك في الصيام، ويُحتاج كذلك إلى ضبط أوقات الصلوات لبناء كثيرٍ من أحكام الشريعة عليها؛ كما في الزكاة والحج وأحكام المعاملات والطلاق والعدة والنكاح، وغير ذلك.
كما أن دعوى الخطأ في تحديد الفلكيين وعلمـاءِ الجيوديسيا لوقت الفجر هي مجرد دعوى لا دليل عليها ولم تُبْنَ على علمٍ شرعيٍّ أو كَوْنيٍّ صحيح، وهي افتئاتٌ على أهل الاختصاص وأولي الأمر، وشقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الالتفاف حول أهل الاختصاص والأخذ بما صوَّبوه، فلا يجوز القول بها، ولا نشرها في الناس.   
والخطأ بتناول المفطرات بعد دخول وقت الفجر مُؤثِّرٌ في الصيام؛ فإذا لم يمسك الصائم عن المفطرات مع دخول وقت الفجر فسد صومه، ومن أكل بعد الفجر ظانًّا عدم طلوعه أو أكل قبل غروب الشمس ظانًّا غروبها ثم تبيَّن له خطؤه فعليه القضاء كما هو مذهب جمهور الفقهاء؛ لأنه لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه.      
وقد أخرج الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 368، ط. دار الكتب العلمية) عن شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري قال: أفطرنا مع صهيب الحَبْرِ أنا وأبي في شهر رمضان في يوم غيمٍ وطش، فبينا نحن نتعشى إذ طلعت الشمس، فقال صهيب: طُعْمَةُ اللهِ؛ أَتِمُّوا صِيَامَكُمْ إِلَى اللَّيْلِ، وَاقْضُوا يَوْمًا مَكَانَهُ.   
وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنه يجب اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في تحديد أوقات الصلوات، ونبذ الآراء التي تفرق صفوف الأمة، والتي لم تُبنَ على علمٍ أو أصلٍ صحيح.والله سبحانه وتعالى أعلم " اهـ [10].



[1] – تنوير المقالة في شرح الرسالة للتتائي  (1/609) .

[2] – منها مارواه مالك(1)،  والبخاري(499)  ومسلم(610) 

[3] – مالك في الموطأ( 9) باب وقوت الصلاة،   والنسائي في السنن( 1935 –  2184 ).

[4] – أخرجه النّسائي(513)  قال الأعظمي: إسناده صحيح كما في تعليقه على ابن خزيمة ( 348).

 

[5] – انظر هذا المبحث بجميع تفصيلاته في العدد الثالث – من مجلة البحوث الإسلامية  الإصدار : من رجب إلى ذو الحجة لسنة 1397هـ /بحث تعيين مواقيت الصلاة في أي زمان ومكان على سطح الأرض ص 1380وما بعدها،   للدكتور حسين كمال الدين في مجلة البحوث الإسلامية،   العدد الثالث،   عام 1397هـ.

[6] – نظر: كتاب التوقيت والتقويم للدكتور علي حسين موسى،   الناشر دار الفكر المعاصر،   بيروت،   لبنان،   ودار الفكر بدمشق،   سوريا،   الطبعة الأولى،   عام 1410هـ،   1990م،   ص 77،   و ص 89-95 بتصرف.

[7] – نظر: بحث تعيين مواقيت الصلاة في أي زمان ومكان على سطح الأرض ص 1380وما بعدها،   للدكتور حسين كمال الدين في مجلة البحوث الإسلامية،   العدد الثالث،   عام 1397هـ.

[8] – انظر: المرجع السابق  ص 1355.

[9] – رواه مسلم (173 – (612).

[10]http://www.dar-alifta.org/AR/ViewFatwa.aspx?ID=13254&LangID=1&MuftiType= دار الإفتاء المصرية .

 

 

تعليقات المستخدمين

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يمكنك قراءة

  • 29 ربيع الأول 1444 هـ
    من هو المفتي الحقيقي

    من هو المفتي الحقيقي

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    كــــــــــــــــــــــــــــــــرة القــــــــــــــــــــــــدم

    كــــــــــــــــــــــــــــــــرة القــــــــــــــــــــــــدم

  • 10 ربيع الأول 1442 هـ
    قصة وعبر هرقل وأبو سفيان

    قصة وعبر هرقل وأبو سفيان