كيف أعرف أن هذا العمل بدعة ؟

27-10-2020 1110 مشاهدة

بسم الله الرحمان الرحيم

تعريف البدعة : البدعة لغة: ابتداءُ الشيء وصنعُه لا عن مِثال سابق؛ فهي مأخوذة مِن البِدْع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: ﴿ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 117]؛ أي: مُخترعُها على غير مثال سابق، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 9]؛ أي: ما كنتُ أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدَّمَني كثيرٌ من الرسل، ويقال: ابتدع فلان بدعة، يعني: ابتدأ طريقة لم يُسبق إليها.

 

أما البدعة في الشرع، فهي: ما أُحدث في الدين على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدةٍ أو عمل.

 

وعرَّفها الشاطبي بقوله: "عبارة عن طريقة في الدين مُخترَعة تُضاهي الشرعية، يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبُّد لله سبحانه".

 

وعرَّفها السيوطي بأنها: "عبارة عن فعلةٍ تُصادم الشريعة بالمُخالفة، أو تُوجِب التعاطي عليها بزيادةٍ أو نُقصان".

 

وعرَّفها ابن عثيمين بقوله: البدعة شرعًا ضابطها: "التعبد لله بما لم يَشرعه الله"، وإن شئتَ فقل: "التعبُّد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون"، فكلُّ مَن تعبَّد لله بشيء لم يشرعْه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشِدون، فهو مُبتدِع، أما الأُمور العادية التي تتبع العادة والعُرف، فهذه لا تُسمَّى بدعةً في الدين، وإن كانت تُسمَّى بدعةً في اللغة، ولكن ليست بدعةً في الدين، وليست هي التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


فعن أمِّ المؤمنين أم عبدالله عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: ((من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))؛ رواه البخاري ومسلم.

 قال النووي رحمه الله تعالى: الردُّ هنا بمعنى المردود، ومعناه: فهو باطل غير معتَدٍّ به.

 وهذا الحديث قاعدةٌ عظيمة من قواعد الإسلام؛ يقول شيخُنا ابنُ عثيمين في شرحه لهذا الحديث الذي هو أصل من أصول الدين:

"يَحرم إحداث شيء في دين الله ولو عن حُسنِ قصدٍ، ولو كان القلب يرق لذلك ويُقبِل عليه؛ لأن هذا من عمل الشيطان.

فإن قال قائل: لو أحدثتُ شيئًا أصلُه مِن الشريعة ولكن جعلتُه على صفة معينة لم يأتِ بها الدين، فهل يكون مردودًا أو لا؟

والجواب: يكون مردودًا؛ مثل ما أحدثه بعض الناس مِن العبادات والأذكار والأخلاق وما أشبهها؛ فهي مردودة.

 وليعلم أنَّ المُتابعة لا تتحقَّق إلا إذا كان العمل موافقًا للشريعة في أمور ستة: سببه، وجنسه، وقَدره، وكيفيَّته، وزمانه، ومكانه.

فإذا لم يُوافِق الشريعة في هذه الأمور الستة، فهو باطل مردود؛ لأنه أحدث في دين الله ما ليسَ منه.

 

أولاً: أن يَكون العمل موافقًا للشريعة في سببه؛ وذلك بأن يفعل الإنسان عبادةً لسبب لم يَجعله الله تعالى سببًا؛ مثل: أن يُصلي ركعتين كلما دخل بيته ويتَّخذها سنة، فهذا مردود، مع أن الصلاة أصلها مشروع، لكن لما قرَنها بسبب لم يكن سببًا شرعيًّا صارتْ مَردودة.

مثال آخرلو أنَّ أحدًا أحدث عيدًا لانتصار المسلمين في بدر، فإنه يردُّ عليه؛ لأنه ربطه بسبب لم يجعله الله ورسوله سببًا.


ثانيًاأن يكون العمل موافقًا للشريعة في الجنس؛ فلو تعبَّد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة، مثال ذلك: لو أن أحدًا ضحَّى بفَرسٍ، فإنَّ ذلك مردود عليه ولا يُقبَل منه؛ لأنه مخالف للشريعة في الجنس؛ إذ إنَّ الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، أما لو ذبح فرسًا ليتصدَّق بلحمها، فهذا جائز؛ لأنه لم يتقرَّب إلى الله بذبحه، وإنما ذبحه ليتصدَّق بلحمه.


ثالثًاأن يكون العمل موافقًا للشريعة في القدر؛ فلو تعبَّد شخص لله عزَّ وجلَّ بقدرٍ زائدٍ على الشريعة، لم يُقبَل منه، ومثال ذلك: رجلٌ توضَّأ أربع مرات – أي: غسل كل عضو أربع مرات – فالرابعة لا تُقبَل؛ لأنها زائدة على ما جاءت به الشريعة، بل قد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأ ثلاثًا وقال: ((مَن زاد على ذلك، فقد أساء وتعدَّى وظلَم)).


رابعًاأن يكون العمل موافقًا للشريعة في الكيفيَّة؛ فلو عمل شخص عملاً يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته، لم يُقبَل منه، وعمله مردود عليه، ومثاله: لو أنَّ رجلاً صلى وسجد قبل أن يركَع، فصلاته باطلة مردودة؛ لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية، وكذلك لو توضَّأ مُنكسًا؛ بأن بدأ بالرِّجل ثم الرأس ثم اليد ثم الوجه، فوضوءه باطل؛ لأنه مخالف للشريعة في الكيفية.


خامسًاأن يكون العمل موافقًا للشريعة في الزمان؛ فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها، فالصلاة غير مقبولة؛ لأنها في زمن غير ما حدَّده الشرع، ولو ضحَّى قبل أن يُصلي صلاة العيد، لم تُقبَل؛ لأنها لم توافق الشرع في الزمان.

سادسًاأن يكون العمل موافقًا للشريعة في المكان؛ فلو أنَّ أحدًا اعتكف في غير المساجد بأن يكون قد اعتكف في المدرسة أو في البيت، فإن اعتكافَه لا يصحُّ؛ لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف، فالاعتكاف محله المساجد.


فانتبه لهذه الأصول الستَّة، وطبِّق عليها كل ما يَرِد عليك" ا هـ.  مقتطف من الألوكة 

تعليقات المستخدمين

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يمكنك قراءة

  • 11 ربيع الأول 1442 هـ
    حال المسلمين

    حال المسلمين

  • 26 ربيع الثاني 1444 هـ
    حكم مسّ الصبي المصحف

    حكم مسّ الصبي المصحف

  • 11 رجب 1443 هـ
    حكم من مات بسبب نعل ؟

    حكم من مات بسبب نعل ؟