موقف أهل السنة من أهل البدع

موقف أهل السنة من أهل البدع :

كان الحسن رحمه الله (110هـ) يقول : لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم.

وقال الفضيل بن عياض رحمه الله(187هـ) : لا تجلس مع صاحب بدعة فإني أخاف أن تنزل عليك اللّعنة [2]. وعن أبي قلابة رحمه الله (154هـ) : لا تجالسوهم ولا تخالطوهم فإنّي لاآمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم كثيراً مما تعرفون . اهـ

وقد جمع  الإمام أبو إسماعيل الصابوني (ت سنة 449هـ)- رحمه الله تعالى – موقف أهل السنة منهم فقال :”ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدّين ما ليس منه، ولا يحبّونهم ولايصحبونهم ، ولا يسمعون كلامهم ، ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدّين ، ولا يناظرونهم ، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرّت بالآذان قرّت بالقلوب ضرّت وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جَرَّت ، وفيه أنزل الله عز وجل قوله ] وإذَا رَأَيْتَ الَذِينَ يَخُوضُونَ في آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا في حَدِيثٍ غَيْرِهِ [[3] .

وقد حكى الإجماع غير واحد في هجر أهل البدع :

 قال القاضي أبو يعلى – رحمه الله – تعالى : ( أجمع الصحابة والتابعون على مقاطعة المبتدعين ) .

      وقال البغوي – رحمه الله تعالى – بعد حديث كعب بن مالك t [4]: ( وفيه دليل على أنّ هجران أهل البدع على التّأبيد ، وكان رسول الله – e – خاف على كعب وأصحابه النّفاق حين تخلّفوا من الخروج معه ، فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم ، وعرّف رسول الله e  براءتهم ، وقد مضت الصّحابة والتابعون ، وأتباعهم ، وعلماء السنة على هذا مجمعين متّفقين على معاداة أهل البدعة ، ومهاجرتهم ) .

وقال الغزالي رحمه الله تعالى : ( طرق السّلف اختلفت في إظهار البغض مع أهل المعاصي ، وكلّهم اتفقوا على إظهار البغض للظَّلَمة والمبتدعة ، وكل من عصى معصية متعدية إلى غيره ) .

      وقال ابن عبد البر[5] – رحمه الله تعالى – :” أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه أو يدخل منه على نفسه أو دنياه مضرة ، فإن كان كذلك جاز ، ورُبّ هجر جميل خير من مخالطة مؤذية ” .

[1] – الاعتصام للشاطبي (2/398) .

[2] – شرح السنة اللالكائي (1/133-137)

[3] – من الآية ( 68) من سورة التوبة .

[4] –  شرح السنة ، 1/226-227 .

[5] – (2) فتح الباري ، 10/496 .

المناهل الزلالة في شرح وأدلة الرسالة