من روائع التفسير الرابعة (حلاوة الذكر وأنواعه )
27-10-2020 1212 مشاهدة
قال الله تعالى [فاذكروني أَذْكُرْكُمْ]
قال ابن جزي في التسهيل ( 87)
قال: سعيد بن المسيب: معناه اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب وقيل اذكروني بالدعاء والتسبيح ونحو ذلك، وقد أكثر المفسرون، لا سيما المتصوّفة في تفسير هذا الموضع بألفاظ لها معاني مخصوصة، ولا دليل على التخصيص، وبالجملة فهذه الآية بيان لشرف الذكر وبينها قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم كما يرويه عن ربه: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه: ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ: ذكرته في ملأ خير منهم» متفق عليه » .
والذكر ثلاثة أنواع:
ذكر بالقلب،
وذكر باللسان،
وبهما معا،
واعلم أن الذكر أفضل الأعمال على الجملة، وإن ورد في بعض الأحاديث تفضيل غيره من الأعمال: كالصلاة وغيرها فإنّ ذلك لما فيها من معنى الذكر والحضور مع الله تعالى.
والدليل على فضيلة الذكر من ثلاثة أوجه
الأوّل:
النصوص الواردة بتفضيله على سائر الأعمال، قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله» رواه الترمذي عن أبي الدرداء ص 459 ج 5.
وسئل رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ذكر الله، قيل الذكر أفضل أم الجهاد في سبيل الله؟
فقال: لو ضرب المجاهد بسيفه في الكفار حتى ينقطع سيفه ويختضب دما: لكان الذاكر أفضل منه رواه الترمذي في كتاب الدعاء ص 458 ج 5 عن أبي سعيد الخدري وأوله: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات، قلت ومن الغازين في سبيل الله؟ قال لو ضرب» .
الوجه الثاني:
أنّ الله تعالى حيث ما أمر بالذكر، أو أثنى على الذكر: اشترط فيه الكثرة، فقال: اذكروا الله ذكرا كثيرا، والذاكرين الله كثيرا، ولم يشترط ذلك في سائر الأعمال.
الوجه الثالث:
أنّ للذكر مزية هي له خاصة وليست لغيره: وهي الحضور في الحضرة العلية، والوصول إلى القرب بالذي عبر عنه ما ورد في الحديث من المجالسة والمعية، فإنّ الله تعالى يقول: أنا جليس من ذكرني " قال عنه العجلوني في كشف الخفاء: رواه البيهقي في الشعب عن أبي بن كعب، ويقول: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني» متفق عليه من حديث أبي هريرة. وفي رواية البيهقي: وأنا معه حين يذكرني.
وللناس في المقصد بالذكر مقامان:
فمقصد العامة اكتساب الأجور،
ومقصد الخاصة القرب والحضور،
وما بين المقامين بون بعيد.
فكم بين من يأخذ أجره وهو من وراء حجاب، وبين من يقرب حتى يكون من خواص الأحباب.
واعلم أن الذكر على أنواع كثيرة: فمنها التهليل، والتسبيح، والتكبير، والحمد، والحوقلة، والحسبلة، وذكر كل اسم من أسماء الله تعالى، والصلاة على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، والاستغفار، وغير ذلك.
ولكل ذكر خاصيته وثمرته.
وأما التهليل: فثمرته التوحيد: أعني التوحيد الخاص فإنّ التوحيد العام حاصل لكل مؤمن،
وأما التكبير: فثمرته التعظيم والإجلال لذي الجلال،
وأما الحمد والأسماء التي معناها الإحسان والرحمة كالرحمن الرحيم والكريم والغفار وشبه ذلك: فثمرتها ثلاث مقامات، وهي الشكر، وقوة الرجاء، والمحبة. فإنّ المحسن محبوب لا محالة.
وأما الحوقلة والحسبلة: فثمرتها التوكل على الله والتفويض إلى الله، والثقة بالله:
وأما الأسماء التي معناها الاطلاع والإدراك كالعليم والسميع والبصير والقريب وشبه ذلك: فثمرتها المراقبة.
وأما الصلاة على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: فثمرتها شدّة المحبة فيه، والمحافظة على اتباع سنته،
وأما الاستغفار: فثمرته الاستقامة على التقوى، والمحافظة على شروط التوبة مع إنكسار القلب بسبب الذنوب المتقدّمة. اهـ
من إعداد أبي سليمان مختار العربي مومن عفا الله عنه وعن والديه وأحبابه 4رمضان 1438
تعليقات المستخدمين
Subscribe
Login
0 تعليقات