ظاهرة الغش في الامتحانات تذكير لأولي البصائر
27-10-2020 1187 مشاهدةالغش في الامتحانات
حكمه وأسبابه وعلاجه
لأبي سليمان المختار بن العربي مومن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم
ظاهرة الغش
مقدمة :
لو يعلم الإنسان عاقبة الغش والخداع لجعل بينه وبين الغش حاجزا منيعا وسدا رفيعا ، ولكن القلوب المريضة الخالية من مراقبة العليم الخبير ليس لها إلا النجاح المادي الذي تلمسه ، والمراتب العالية التي تتسلقها كالطفيليات على أكتاف المجتمع والدولة ،ولو صلحت النيات ، وراقب المسلم ربّ الأرض والسموات لسمَتِ الهمم إلى الجد ، ولقنع كل واحد بما كتب له ، إن الغاش بعيد عن النصيحة لنفسه ولمجتمعه ولأمته ،قريب من شيطانه وعدو أمته ، لأنه بإمكانه أن يبيع وطنه وأمته بثمن بخس ، مادام مستعدا لهدم بنيانه بيده ، فاحذر أخي الطالب أختي الطالبة فأنتما اللبنة الأساسية لبناء مجتمع الغد الجميل فلا تكن لبنة هشة تسبب تدمير بنيان الأسرة والمجتمع .وقد تفشى الغش والكذب والحسد بين أفراد المجتمع، فالبائع يغش في البيع فلا يقيم الوزن بالقسط، والتاجر يكذب في تجارته، والمعلم يغش التلاميذ بتهاونه في شرحه وتبليغه الرسالة، والأب يغش أبناءه فلا يربيهم على طاعة الله عز وجل ولا يسأل عنهم وعن أحوالهم، إلا من رحم الله . والطالب يسأل صديقه حول ما قاله الأستاذ في غيابه، فيضلله ويكذب عليه .فأين محبة الخير لعامة المسلمين والنصح والإخلاص لهم؟ ، إن الغاش أشبه مايكون بالطفيليات التي تتسلق الأشجار الجميلة والزهور البهية ، فتلتف حولها لتجعلها خبرا بعد عين ،وأثرا بعد يقين ، ولذلك حذر الإسلام من الغش وجعل صاحبه ليس من أمة النبي الناصح محمد صلى الله عليه وسلم .
تعريف الغش :
قال في لسان العرب : الغِشُّ نقيض النُّصْح وهو مأْخوذ من الغَشَش المَشْرَب الكدِر أَنشد ابن الأَعرابي: ومَنْهَل تَرْوَى به غير غَشَشْ
أَي غير كدر ولا قليل ، قال: ومن هذا الغشُّ في البياعات "[1] .
وقال في المعجم الوسيط : ( المغشوش ) غير الخالص يقال لبن مغشوش وذهب مغشوش "[2].
وعرفه أحد الباحثين بأن الغش في الاختبارات هو حصول التلميذ على الاجابه المطلوبة لسؤال ما بطرق غير مشروعة أو غير عادية أو بناءة لتعلمه ونموه الشخصي في الغالب ، كأن ينقلها من قرين له أو كتاب أو مذكرة أو أوراق خاصة عادية أو مصغرة أو من على مقعد أو على جدار بغرض تمرير المادة الدراسية دون اعتبار يذكر لتعلمها ، أو دون وعي بأهميتها لحياته ونموه ومستقبله [3]موقف الشريعة من مرض الغش ؟:
لقد ذم الله عز وجل الغش وأهله في القرآن الكريم وتوعدهم بالويل ويفهم ذلك من قوله تعالى : ( ويل للمطففين – الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون – وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) المطففين/1
فهذا وعيد شديد للذين يبخسون – أي ينقصون – المكيال والميزان ، فكيف بحال من يسرقها ويختلسها ويبخس النّاس أشياءهم ؟! إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان .
وهذا نبي الله شعيب يبعثه الله تعالى لدعوة الناس إلى التوحيد ونبذ ظاهرة الغش والتدليس في الميزان فحذر من بخس الناس أشياءهم والتطفيف في المكيال والميزان كما حكى الله عز وجل ذلك عنه في القرآن ، قال تعالى : ] وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) [ [هود].
ولقد جاء نبينا لأمته بالنصيحة ونهى عن الغش والخديعة وأن من فعل ذلك ليس منا معشر أهل الإسلام وفي ذلك تهديد شديد ، ووعيد أكيد ، فقد مرَّ صلى الله عليه وسلم على صُبْرَةِ[4] طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً ، فقال : ( ما هذا يا صاحب الطعام ؟ ) قال : أصابته السّماء يا رسول الله ، قال : ( أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه النّاس ؟ من غشّ فليس منّي ) وفي رواية ( من غشّنا فليس منّا ) وفي رواية ( ليس منا من غشنا ) رواه مسلم[5] .
فالغشّ ضدّ النّصح ، لأنّ الغش كدر [6]، والنّصح إخلاص ، وكفى باللّفظ النّبويّ : " ليس منّا " زاجراً عن الغشّ ، ورادعاً من الولوغ في حياضه الدّنسة ، وحاجزاً من الوقوع في مستنقعه الآسن .
وقد جاء في رواية الطبراني:«مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا، وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ » [7] قال المناوي : أي ليس على منهاجنا لأنّ وصف المصطفى صلى الله عليه وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة عنها وعدم الشره والطمع الباعثين على الغش ( والمكر والخداع في النار ) أي صاحبهما يستحقّ دخولها لأنّ الدّاعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها والرغبة فيها وذلك يجر إليها[8].
وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الديّن النّصيحة ، قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )) رواه مسلم .
النّصيحة : تصفية النفس من الغش للمنصوح له ، فكيف إذا غش العبد نفسه التي بين جنبيه ، ولم ينصحها بعدم الغش .
وأخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة t أنه صلى الله عليه وسلم قال « خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح » في عمله بأن أتقنه وتجنب الغش ونحوه [9].
ولاشك أن اللبنة الأساسية لكل عامل من رئيس ومرؤوس ، وكبير وصغير تبدأ من مركز التعليم الصحيح الناصح ، الذي ينجح فيه المجتهدون الساهرون على الجد ، المثابرون على الحفظ والفهم والمذاكرة ، البعداء عن الاتكالية ، المنزهون عن الغش والخديعة .
ولذلك فإن أخطر أنواع الغش هو ماتعيشه المنظومة التعليمية في عالمنا الإسلامي ، حيث يتخرج من الجامعات كثير من الطلبة المحسوبين على النجاح ،وإنما هم نِتاج مسلسل تغشيشي، ونجاح أغلوطي ،يشترك فيه الطالب بفعله ،والمراقب بصمته ،والمدير بتنكره للإصلاح والقضاء على هذا الداء العضال والمرض الخطير، بل قد يكون أحد صناع ذلك الطالب المغشوش بتلقيه للرشاوي أو الشفاعات .
وقد لاحظ كثير من التربويين أن كثيرا من خريجي الجامعة يقدمون أبحاثا ليس لهم منها إلا الاسم بالغلاف الخارجي ، ولو سألتهم عن المضمون ،لما أجابوا ببنت شفة ، لأنهم لايعرفون ماتحويه لعدم بحثهم وتنقيبهم عن المادة العلمية المطروحة ،وإنما فوضوا الأمر لتجار أراحوهم من عناء البحث والترتيب ؛ فقل لي بربك كيف يستقيم الظل والعود أعوج .
الغش في الامتحانات حرام :
يرى بعض الطلبة الذين لايراقبون الله تعالى ولم يخشوا يوم الحساب ، أن من لايعينهم على الغش أيام الامتحانات طلبة لايعرفون الخير والتعاون على البر ويظنون بسذاجتهم أو تغابيهم أن هذا الفعل من الأمر بالمعروف ، وإن كنت لاأظن أن أحدا يعتقد ذلك وأرجو أن يكون اعتقادي في محله ، لأن استباحة شيء محظور في ديننا أمر خطير ومنكر كبير .
والغش سواء كان في الامتحان أو البيع أو غير ذلك من مناحي الحياة محظور شرعا وصاحبه آثم لما يترتب عليه :
- من التشبع بما لايعرفه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : « المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور » [10]، فهو زور لأنه قلب للحقلائق وادعاء لما ليس أهلا له .
- التسلط على رتب الجادّين والمجتهدين فيزيحهم عن مراتبهم المستحقة لهم شرعا وعقلا ، ويظلمهم ، والظلم ظلمات يوم القيامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم [11].
- اعتلاء الغاش لسدة الحكم والوزارة والإدارة وهو ليس أهلا لذلك فيكون الخراب بالدولة والمجتمع وقد قال صلى الله عليه وسلم « إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة »[12] ،ولاشك أن المقصود بالساعة هنا الخراب لأن القيامة دمار للعالم ، واستلام من ليس أهلا يعتبر خرابا على الموقع الذي يستلمه والواقع خير شاهد .
ماهي أسباب الغش ؟:
للغش في الامتحانات أسباب متعددة ولعلنا سنذكر أبرزها :
1- الجهل بالشرع الحنيف : إن كثيرا ممن يقدم على الغش في أي مجال من مجالات الحياة قد يكون الحامل له على ذلك جهله بالشرع الحنيف ، ولذلك لايجوز لمؤمن أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه .
2- ضعف الإيمان :
إن القلب المؤمن بالله دائم المراقبة له ، فإذا خلا من مراقبته لربه دل على أنه قلب خرب يرضى بمايسخط الله فيقبل صاحبه على انتهاك محارم الله في الخلوات والجلوات ، ولكن علينا أن نُذكِّرَه إذا أراد أن يغش بنظر الله له : ] رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) [ (إبراهيم ).
إذا ما خلوْتَ، الدّهرَ، يوْماً، فلا تَقُلْ خَلَوْت ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
ولاَ تحْسَبَــنَّ اللهَ يغفلُ ساعــة وَلا أنَّ مَا يخفَـى عَلَيْهِ يغيب
3- ضعف التربية :
لاتجد ضمن منظومتنا التربوية دروسا تعطى للأبناء تحذرهم من الغش ومساوئه ، وتبين لهم عواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة ،وتحقر الغشاشين في جميع مناحي الحياة ، بل قلما تجد الأبآء والأمهات ينصحون أبناءهم بعدم الغش وأخذ الأمور بجدية وإخلاص .
بل كم من حالة يوجد فيها الطالب متلبسا بالغش فتعاقبه الإدارة وإذا بالأب يتدخل لمسح ماعوقب به خاصة من الآباء الأثرياء وذوي الجاه والسلطان ولربما عوقب المراقب المكتشف للتزوير .
4- تزيين الشيطان :
يحاول الشيطان الرجيم إفساد حياة الناس وإدخال المحرمات عليهم بتزيينها في نفوسهم ، فيوسوس بأن الامتحانات صعبة ولايمكن مجاوزة قنطرتها إلا بالبرشام و الغش .
فيصرف الأوقات الطويلة في كتابة البراشيم ، و اختراع الحيل و الطرق للغش ؛ ما لو بذل عشر هذا الوقت في المذاكرة بتركيز لكان من الناجحين الأوائل .
5– التواكل :
إنّ التواكل عكس التوكل تماما فقد يعتمد بعض الطلاب لمرض الاتكال على الغير من الزملاء ، أو الأستاذ في تغشيشه وبناء مجده المزور ، فيرتشي المراقبين الذين ضعفت نفوسهم وتعلقت بحطام الدنيا ، وخانوا الأمانة التي أمر الله بحفظها ، فيعمد المراقب أو الأستاذ إلى تمرير الأسئلة قبل الامتحان ، أو الأجوبة أثناء الامتحان ، او النقاط المغلوطة بعد الامتحان وكل ذلك عمل لايرضاه الله ولارسوله ولاالمؤمنون .
لأنّ ذلك يعد جناية في حق المجتمع كله بصنع شخص متسلق للمراكز في الأمة على حساب الجادين وماواقعنا الأليم ببعيد منا قال تعالى ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) [ [الأنفال ] .
- الكسل :
إنّ الغش هو حيلة الكسول ، و هو طريق الفاشلين ، و دليل على ضعف الشخصية حيث أن الذي يغش لا يجد الثقة في نفسه بأنه قادر على تجاوز الامتحانات بنفسه و جهده و استذكار دروسه لوحده ، و من ثم الإجابة معتمدا على مذاكرته ، فإذا جاء الامتحان صار يتخبط ذات اليمين وذات الشمال لعله يجد من يجدف به بعد أن ذهبت أيامه المثلى أدراج الماضي .
7- الخوف من الرسوب :
فإن الخوف من الفشل و الرسوب و عدم الاستعداد الكافي للامتحان ،يسببان قلقا مستمرا لكثير من الطلاب مما يجعلهم يلجؤون إلى الغش كسبيل للنجاة .
8- ضعف مستوى التحصيل الدراسي للطالب وذلك إما منه ، أو بسبب فشل المعلم في توصيل المادة باسلوب مبسط للطالب لاسيما وأن الصفوف في عالمنا العربي تكون فيها أعداد كثيرة من الطلاب .
9- عدم معرفة الطالب بالعقوبة التي تقع عليه في حالة الغش ، مما يجعله يتساهل في عملية الغش والتغشيش لغيره .
10- رغبة أولياء الأمور وبعض من إدارات المدارس في الحصول على نسب مرتفعة للنجاح لمدارسهم أو ادراتهم للتباهي به.
– أساليب وطرق العلاج :
1- – تفعيل دور مجالس الآباء والأمهات مع المدرسين والإدارة وتبادل المعلومات وتعزيز الثقة بين البيت والمدرسة من أجل التخفيف والحدّ من انتشار السّلوكيات الخاطئة لدى أبنائنا الطلبة والتخلص منها .
2- تفعيل دور المرشد التربوي والنفسي في مساعدة الطلبة على كيفية الاستعداد للامتحان والتخفيف من القلق النّاجم عنه لما لذلك من أثر على أداء الطالب في نتائج الاختبارات .
3- إحياء الوازع الأخلاقي وتنمية الضمير الداخلي بأن الله رقيب على عباده حسيب لهم فيما يأتون من أعمال .
4- إقامة الندوات الدينية لتوضيح مخاطر الغش وتعارضه مع مبادئ الدين ومع القيم والغايات التربوية وتوعية الطلبة بالالتزام بتعاليم الدين الحنيف وأخلاقه وجعلها ممارسه في حياته اليومية والتركيز على تكريم الطلبة المتفوقين في أدائهم وأنشطتهم داخل الصف وليس على أدائهم في ورقة الامتحان فقط .
5- تذكير الطلبة بقدوتنا وحبيبنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم .
6- إمكانية الاستفادة من وسائل الإعلام المختلفة في إعداد برامج هادفة تعالج ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية .
7- تشجيع المدرسين على الابتعاد عن الاختبارات المدرسية المفاجئة لأنها تساعد على انتشار ظاهرة الغش بين الطلبة فضلا عن اعتماد الأسئلة المقالية ذات المستويات العليا كالتحليل والتركيب والتمييز والتقويم والنقد ، وتباعد مقاعد الطلبة في الامتحان مع وجود فاصل زمني بين الاختبارات .
8- تطوير نظام التقويم التربوي الامتحانات بحيث يرتكز على قواعد صلبة لا مكان للغش فيها واستخدام الوسائل الحديثة في التقويم .
9- إعداد تمثيليات في المدارس تبين قبح الغش وعاقبته .
10- التكثيف من الملصقات داخل جدران المدرسة وخارجها التي تعزز الأخلاق الفاضلة وتنفر من الأخلاق السيئة .
11- إنشاء فرق إنشادية داخل المؤسسات التعليمية هدفها ترسيخ المعاني الجميلة لديننا ، عن طريق الكلمات الهادفة .
12- تأديب الأساتذة والمدرسين الذين يضبطون متلبِّسِينَ أو يُنْمَى عنهم أنَّهم يغشّشون الطلبة ، وذلك إمّا بالفصل او العقوبة المعنوية التي تردع من فعلهم .
13- استضافة الشخصيات المؤثرة والواعية لتعزيز الأخلاق والقيم في نفوس الطلبة .
أخي الطالب أختي الطالبة :
تذكّر قبل أن تقدم على الغش تذكر براءة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : من غشنا فليس منا " وماذا تعني كلمة ليس منا وانت مسلم .
تذكّر أنك بمجرد أن الغش هو جلب للخراب العاجل والآجل ، ففي العاجل يكون مابنيته على ذلك العمل حراما وزورا وأنّ الشّهادة التي تحصل عليها و التي سوف تتوظف بها هي شهادة مزورة ، و بالتالي فسوف يكون الراتب الذي تأخذه حراما .
تذكر أن العلم يتطلب الإخلاص لله رب العالمين ،وان الغش ينافيه تماما لأنه من الزور والمكر والخديعة : ( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا لغرض من الدنيا زائل ، لم يرح رائحة الجنة ) [13].
تذكر أنّك إذا أغششت غيرك قد يكون أخطر ، فإنّك إذا غششت ثمّ تبت فإنّك سوف تصحّح شهادتك ، لكنك إذا غشّشت غيرك ، ثم تبت أنت من ذلك ، فأنى لك أن من غششته سوف يتوب ، أنى لك أن تصحح شهادته ، أنى لك أن توقف أكله للحرام .
وأنت ايها الأستاذ الفاضل والمربي الناصح : إيّاك أن تحابي بعض الطلبة في بعض الدرجات و تظن أن ذلك من صلاحيتك ، فأنت في مقام القاضي ، فسيعتقك من العذاب عدلك أو سيوبقك جورك .
يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى :
-
( فإنّ المعلم الذي يقدّر درجات أجوبة الطلبة و يقدر درجات سلوكهم هو حاكم بينهم لان أجوبتهم بين يديه بمنزلة حجج الخصوم بين يدي القاضي . فإذا أعطى طالبا درجات أكثر مما يستحق ، فمعناه أنه حكم له بالفضل على غيره مع قصوره ، وهذا جور في الحكم .
و إذا كان لا يرضى أن يقدم على ولده من هو دونه ، فكيف يرضى لنفسه أن يقدم على أولاد الناس من هو دونهم )[14] .ملحق الفتاوى :
س: ما حكم الغش في أوقات الامتحان علما بأني أرى كثيرا من الطلبة يغشون و انصح لهم و لكنهم يقولون : ليس في ذلك شيء ؟
ج: الغش في الامتحانات و في العبادات و المعاملات محرم لقول النبي صلى الله عليه و سلم : (( من غشنا فليس منا )) و لما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة في الدنيا و الآخرة .
فالواجب الحذر منه و التواصي بتركه . ( ابن باز )س: ما حكم الغش في دورة اللغة الانجليزية أو العلوم البحتة كالرياضيات و غيرها ؟
ج : لا يجوز الغش في أي مادة من المواد مهما كانت لان الاختبار المقصود منه هو تحديد مستوى الطالب في هذه المادة ، و لما في ذالك أيضا من الكسل و الخداع ، و تقديم الضعيف على المجتهد .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من غشنا ليس منا )) و لفظ الغش هنا عام لكل شيء ، و الله أعلم ( ابن جبرين ) .
[1] – لسان العرب (6/323 ).
[2] – المعجم الوسيط (2/653).
[3] – د/ شكري سيد أحمد ، والدكتور عبد العزيز عبد القادر : سلوك الغش في الامتحانات وعلاقته ببعض المتغيرات المعرفية و النفسية و الاجتماعية لدى بعض طلبة التعليم العالي ، ص 14ـ 24
[4] – الصبرة : الكومة من الطعام .
[5] – مسلم 45 – باب قَوْلِ النَّبِىِّ – e « مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ». (42)
[6] – (أي خلط للصحيح مع الفاسد) .
[7] – الْمُعْجَمُ الصَّغِيْرُ لِلطَّبْرَانِيِّ
[8] – فيض القدير للمناوي (6/186)
[9] – أخرجه أحمد عن أبي هريرة ) وإسناده حسن .
[10] – البخاري (5219) و أخرجه مسلم في الباس والزينة باب النهي عن التزوير في اللباس وغيره…رقم( 2130).
[11] – البخاري (2315) و أخرجه مسلم في البر والصلة الآداب باب تحريم الظلم رقم ( 2579) .
[12] – أخرجه : أحمد 2/361 ، والبخاري 1/23 ( 59 ) و8/129 ( 6496 ) ، وابن حبان ( 104 ) ، والبيهقي 10/118 ، والبغوي ( 4232 ) من حديث أبي هريرة ، به . والروايات مطولة ومختصرة .
[13] – أحمد" 2/338(8438) و"أبو داود" 3664و"ابن ماجة" 252).
[14] – من كتاب ( نصائح في الاختبارات 12).