انتصارات المسلمين في رمضان قراءة في بعض المعارك الخالدة
01-05-2021 1532 مشاهدةانتصارات المسلمين
في رمضان
قراءة في بعض المعارك الخالدة
إعداد
أبي سليمان مختار بن العربي مؤمن الجزائري ثم الشنقيطي
بسم الله الرحمن الرحيم
انتصارات المسلمين في شهر رمضان
قراءة في بعض المعارك الخالدة
لقد امتن الله على العرب أن بعث فيهم رسولا من أنفسهم ، يدعوهم إلى الخير ،ويقودهم إلى البر ، يحمل لواء العزة لهم ، ويهديهم إلى صراط مستقيم .
جاء عليه الصلاة والسلام وظلمات الشرك قد طمست أنوار التوحيد من بقايا الحنيفية السمحة ملة إبراهيم عليه السلام ،وماهي إلا سنوات قليلة حتى تحولت جزيرة العرب إلى مروج من التوحيد ،ورياض خضراء مُعشوشبة الجوانب بالدعوة إلى الله .
وأذن الله بالجهاد لفئة طالما استُضْعِفَتْ ،وأُوذِيَتْ بشتَّى أنواع العذاب والاضطهاد، وذلك في مرحلة جديدة للدعوة بالمدينة النبوية على ساكنها صلوات الله وسلامه ، وبدأ العدُّ التَّنازلي لدولة الكفر ، لتتحطّم تحت ضربات الموحدين الفاتحين ، وشهد تاريخ الأمة الإسلامية الفتية آنذاك أوّل معركة كانت في شهر القرءان بين حزب الرّحمان وأولياء الشّيطان ،وتوالت الغزوات والفتوحات في رمضان وغير رمضان ولكن كانت اللّفتة المضيئة ،والمنارة المنيفة في تاريخ الأمة الإسلامية هي انتصار المسلمين في كل غزوة أو معركة صادقة في رمضان لإعلاء كلمة الله وإزهاق الباطل المتطاول .
وفي هذه السطور سنقف عند أهمّ المعارك التي انتصر فيها المسلمون في رمضان على أهوائهم أوّلا وعلى أعدائهم ثانيا لنستخلص العبر والعظات وإليك أخي القارئ الكريم – أهمَّ الغزوات التي سجَّلها التاريخ الإسلاميّ خلال شهر رمضان المبارك:
– 1غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة
في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك، وفي السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة، دارت رَحَى معركة فاصلة بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والطغيان، بين حزب الله وحزب الشيطان، تلكم هي غزوة بدر الكبرى.
إنها موقعةٌ فاصلةٌ في تاريخ الإسلام والمسلمين، بل في تاريخ البشرية كلِّها إلى يوم الدين، إنها معركة الفرقان؛ قال تعالى : ] وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) [ [الأنفال: 41].
دارت بين جيشين جيش الإيمان والتوحيد يقوده نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،وجيش الكفر والطغيان يقوده عتاة قريش ، فكان النصر حليف المسلمين والهزيمة المنكرة رديف المشركين .
ساحة المعركة : بدر وهي قرية شمال مكة وإلى الجنوب الغربي من المدينة .
عدد جيش المسلمين : ثلاثمائة وأربعة عشررجلا . عدد جيش المشركين : ألف شخص بعدّتهم وعتادهم وزهوهم وخيلائهم ( فما أغنى عنهم جمعهم وماكانوا يستكبرون ) . .
2- فتح مكة” في السنة الثامنة من الهجرة :
لقد امتن الله على النبي e وأصحابه بفتح مكة في الثالث والعشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة ، فدخلها وقلبه مفعم بالعبودية والذل لله تعالى عكس مايفعله الجبارون والمتكبرون في الأرض إذا انتصروا في معاركهم ، دخلها وهو يرفع لواء المرحمة وينهى عن إراقة الدماء إلا دفاعا عن النفس ، دخل في عشرة آلاف من الفاتحين ، فلم تغن عن قريش ومن معها هيبتها ولاعددها أو عتادها ، دخلها وهو يتلو قول الحق : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) ) الإسراء ؛ والدروس والعبر كثيرة لمن أراد أن يعتبر بذلك الفتح العظيم .
ساحة المعركة : مكة المكرمة .
عدد جيش المسلمين: عشرة آلاف مقاتل .
عدد جيش المشركين : أهل مكة من قريش وغيرهم .
ثالثا – معركة “حطين” بين المسلمين بقيادة صلاح الدين، والصليبين. واسترداد بيت المقدس
قام المجاهد “عماد الدّين زنكي” – رحمه الله – بعد قتال عنيف مع الحاميات الصليبية باستعادة بعض المدن والإمارات؛ من أبرزها: إمارة “الرها” عام 1144م، وواصل خَلَفُه “نور الدين محمود” – رحمه الله – التصدي للفرنجة؛ فمَدَّ نفوذَه إلى دمشق عام 1154م، واستكمل القائد المجاهد “صلاح الدين الأيوبي” – رحمه الله – تلك الانتصارات فكانت معركة حطين الشهيرة التي استُرِدَّ بعدها بيت المقدس عام (583هـ – 1187م).
كانت معركة حطين تمهيدًا لدخول صلاح الدين – رحمه الله – إلى بيت المقدس، وتم بفضل الله نصر الله المبين حيث التقتْ جيوش المسلمين بجيوش الصليبيين في “حطين”، وكان ذلك في عام 583هـ – 1187م.
ساحة المعركة : حطين وتقع بالقرب من قرية المجاودة، بين الناصرة وطبرية بفلسطين .
عدد جيش المسلمين: يضم حوالى 12000 فارس و 13000 من المشاة ورجال الاحتياط وأعدادا كبيرة من المتطوعين
عدد جيش الصليبيين: عشرون ألفا، والتحق بهم عدد كبير من المتطوعة حتى روي أنه زاد عددهم على الستّين ألفا ،وكانت هزيمتهم هزيمة نكراء .
4– معركة “عين جالوت“، بين المسلمين بقيادة “سيف الدين قطز” والمَغُول ، حيث انتصر المسلمون على التتار في عهد الدولة المملوكية ، حيث استطاع “سيف الدين قطز” و”الظاهر بيبرس” صدَّ الغزو المغُولي الذي اجتاح أجزاءً واسعةً من العالم الإسلامي في معركة “عين جالوت” قرب الناصرة في عام 1259م، فكانت واحدةً من أهم وأشهر المعارك الإسلامية.
وكانت هذه المعركة العظيمة في (شهر رمضان 658هـ الموافق لـ أغسطس 1260م) حيث خرج “قطز” من مصر على رأس الجيوش المصرية، ومَن انضمَّ إليه من الجنود الشاميين وغيرهم، وما كاد يشرق صباح يوم الجمعة (25 من رمضان 658هـ الموافق لـ: 3 من سبتمبر 1260م) حتى اشتبك الفريقان ، وكان النصر حليف المسلمين وانهزم المغول وفرَّ من فرّ منهم بعد قتل قائدهم ولم يكتفِ المسلمون بهذا النصر، بل تتبَّعوا الفلول الهاربة من جيش المغول التي تجمّعت في “بيسان” القريبة من “عين جالوت”، وانتصروا عليهم بفضل الله تعالى .
– 5فتح القسطنطينية على يد “محمد الفاتح“
لقد بشَّر الرسول الكريم – e – بفتحها: ((لتفتحُنَّ القسطنطينية، فلنِعْمَ الأميرُ أميرُها، ولنِعْمَ الجيشُ ذلك الجيش))؛ روه الإمام أحمد في مسنده، لقد كانت تلك البشارة من نصيب السلطان “محمد الفاتح” – رحمه الله – الذي وضع خُطَّة غاية في دهاء التَّدبير، وروعة في الإعداد العسكري ودقة التنفيذ؟! يوم حمل السفن برًّا على جذوع الشجر، ثم دحرجها وأنزلها إلى البحر خلف البيزنطيين من حيث لا يتوقعون، مما أدى إلى دحر أسطولهم وهزيمتهم، وفتح القسطنطينية التي أصبحت فيما بعد عاصمة الخلافة، وحملت اسم “إسلامبول” أو “إستانبول”؛ أي: مدينة السلام (.
ساحة المعركة : القسطنطينية.
عدد جيش المسلمين: ” أكثر من ربع مليون جندي .
عدد جيش المشركين : أهل القسطنطينية من النصارى ومن معهم .
والمعارك والغزوات التي كُلِّلت بالانتصار في هذا الشهر المبارك كثيرة، لكن اقتصرت على أشهرها، أو كما يقال: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق؛ أي: يكفي فخرًا للمسلمين أن يستحضروا هذه المشاهد الخالدة في التاريخ الإسلامي؛ ليأخذوا منها الدروس والعبر.
ومن المعارك الخالدة في رمضان على سبيل التذكير: فتح ( البويب) في السنة 13 هجرية بقيادة المثنى بن حارثة، وفتح النوبه سنة 31 هجرية. بقيادة عبدالله بن أبي السرح وتحت إمرة عمرو بن العاص ، وبلاط الشهداء سنة 114 هجرية بفرنسا بقيادة والي الأندلس “الحر بن عبد الرحمن الثقفي” تحت إمرة القائد العظيم موسى بن نصير، ، وفتح عمورية سنة 223 هجرية بقيادة المعتصم، ومعركة المنصورة سنة 647هـ ،وكانت في شهر رمضان سنة 647هـ ضد الصليبيين ، وفتح شقحب سنة 702 هجرية بالشام ضد التتر وكان ضمن الجيش شيخ الإسلام ابن تيمية ، وفتح قبرص في عهد المماليك سنة 829 هجرية،
وختامًا:
إنّ المجاهدين المخلصين في كل زمان ومكان قادرون – بتوفيق من الله – على صنع النصر من رماد الهزيمة، وبناء المصر والحضارة الراقية في خرائب العدوان، وزرع حدائق العلم والنور في ظلمات الجهل، إذا وجدوا مَن يُحسن قيادتهم، ويضرب لهم المثل والقدوة، ويتميز بالتضحية والشجاعة والإخلاص لله – تعالى – ويُغلّب همَّ إعلاء كلمة هذا الدين على مصالحه الشخصية البالية الفانية، لكن إذا هانوا واستكانوا كانوا قصعة مستباحة لكل الأدعياء قبل الأعداء، واللهَ نسأل أن يردَّ هذه الأمة إلى دينها ردًّا جميلاً، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليقات المستخدمين
Subscribe
Login
0 تعليقات