الملخصات في بطلان عقائد الخرافات
20-01-2023 994 مشاهدة
الملخصات في بطلان عقائد الخرافات
خرافة الغوث، والأقطاب، والنجباء، والنقباء، والأوتاد.
هذه ملخصات في بيان بطلان عقائد أهل الخرافات، أبين فيها بطلان عقائد الخرافة التي أفسدت عقائد عوام المسلمين، واتخذها شيوخ السوء وعلماؤه وسيلة لإضلال الناس وأكل أموالهم واستعباد أبشارهم.
كما وصفهم الله تعلى بذلك في قوله:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [التوبة: 34]
وأول تلك الخرافات وأساسها قضية تدبير غير الله لأمر العباد، وتصرفه في الأكوان، فقد كون شيوخ الضلال من المتصوفة لأتباعهم عقيدة سموها مسألة الديوان، وخلاصتها أن العالم يدار من قبل مجموعة من الأولياء، قسموهم أقساما، وجعلوا لكل قسم عملا معينا من إدارة الكون، والديوان يتكون من : عدد من النقباء، والأبدال، والأوتاد، الأمناء، والقطب أو الغوث، ويسمونهم رجال الغيب، ورجال الغيث.
فنشأ عن هذه العقيدة الشركية ادعاء كثير من مشايخ التصوف من الضالين لنفسه هذه الرتب، وأنه يقضي للناس حوائجهم، وأن الله قد أعطاه سلطة التصرف في الكون، وسلطه على الناس، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، فهو المعز المذل المعطي المانع، فتعلقت قلوب الجهلة بهؤلاء الضلال من دون الله، وصرفت لهم خالص حقه من الخوف والرجاء، والنذر والدعاء، ولم يقصّر هؤلاء الضالون في استغلال هذه العقيدة في إرهاق هؤلاء المساكين بالضلال في عقائدهم، وأكل أموالهم، واستعباد أبشارهم.
هذه العقيدة مخالفة لعقائد الأنبياء، متنافية مع ما جاؤوا به من إخلاص التوحيد لله، وأن التصرف في الكون من خصائص الربوبية، لا يملكه نبي مرسل ولا ملك مقرب.
فالله لا يشرك في ملكه وحكمه القدري والشرعي أحدا كما بين ذلك بقوله تعالى:
{قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: 26]
وكما في قوله تعالى:
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 31، 32]
فلا يحكم الكون ولا يتصرف فيه ولا يعطي ويمنع فيه إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا مقتضى ربوبيته، وحكمته، فلا يمكن أن يترك أمر عباده لغيره سبحانه فهو أرحم بهم من ذلك.
وما معنى حمده على ربوبيته للعالمين كما في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إن كان يترك هذه الربوبية لغيره.
وقد تواترت أقوال أهل العلم في بيان منافاة هذه العقيدة للتوحيد، ومباينتها لدين المرسلين، وسوف أنقل بعض أقوال أهل العلم في بيان مخالفة هذه العقيدة للإسلام ودين نبيه عليه السلام، وأنها من عقائد عبدة الأوثان، وذلك بعد أن أبين تهافت ما حاول أهل الضلال من إلصاق هذه العقيدة بدين الإسلام، وروايتهم في ذلك روايات موضوعة.
بين الإمام ابن القيم تهافت الروايات التي حاول ضلال الصوفية التمسك بها في مسألة الأقطاب والأوتاد والأبدال، وأنها من المكذوب على الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فقال: “ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقرب ما فيها حديث “لا تسبوا أهل الشام ، فإن فيهم البدلاء ، كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر” ذكره أحمد ، ولا يصح أيضا فإنه: منقطع” (صفحة: 127).
صدق ابن القيم، لم يرد أي من الألفاظ التي أطلقها الصوفية على مشايخهم في شيء من نصوص الشريعة، لا في القرآن ولا في السنة، فليس في القرآن ولا في السنة ذكر الغوث، ولا النجباء، ولا الأوتاد، ولا النقباء.
ورد لفظ الأبدال في أحاديث موضوعة، وضعيفة، وبألفاظ منكرة، وقد تنكب أصحاب الكتب الستة إخراج أي حديث فيه لفظ الأبدال، إلا ما جاء في سنن أبي داود من ذكر ابدال الشام، وأنهم مجاهدون في سبيل الله ينصرون المهدي في آخر الزمان، ولم يذكر في الحديث أنهم يتصرفون في الكون، ولا أن لهم صفات غير الجهاد في سبيل الله ونصر إمام العدل.
أخرج أبو داود في السنن حديث (4286)
عن أم سلمة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم -، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب، فيقسم المال، ويعمل في الناس بسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون”
ولفظ الأبدال في حديث أبي داود منكر كما بينه أبو دود بعد إخراجه، فهو ورد من حديث أم سلمة، والصحيح من حديث أم سلمة ذكر الجيش الذي يغزوا الكعبة فيخسف به، كما في أحاديث الباب التي روتها عائشة وحفصة، وهو الذي رواه الثقات من حديث أم سلمة.
وأما حديثها الذي فيه ذكر الأبدال فهو حديث مضطرب الإسناد، وفيه مبهم لم يبين من طريق صحيح، مع مخالفته لرواية الثقات عن أم سلمة.
بعد أن أورد أبو داود حديث أم سلمة من الطريق الخاطئة المضطربة في السند والمتن، أورد الطريق الصحيح المستقيم في السند والمتن فقال:
4289 – حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عبيد الله ابن القبطية، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بقصة جيش الخسف، قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يخسف بهم، ولكن يبعث يوم القيامة على نيته»
سنن أبي داود (4/ 108)
فقول أبي داود: بقصة جيش الخسف، يشير إلى أن الصحيح في الحديث، قصة الجيش والخسف به، أما غيرها، فلم يروها الثقات، وهي إشارة إلى تعليل ما ذكر في الحديث غير قصة الجيش والخسف به.
فحديث أم سلمة الصحيح يتحدث عن الخسف بالجيش الذي يريد غزو الكعبة، وليس في الحديث الصحيح ذكر الأبدال ولا العصائب، ولا غيرها من التفاصيل التي ذكرت في الحديث الخطأ الذي تفرد به المجروحون ومن عرف بالتفرد بالغرائب والشواذ.
وردد لفظ الأبدال من حديث علي رضي الله عنه في المسند، وهو ضعيف منقطع، ومخالف لما رواه الثقات عن علي، فقد رواه الثقات عن علي موقوفا وليس فيه ما في المرفوع من الألفاظ المنكرة، من عدد الأبدال وغيره.
أخرج أحمد في مسنده: عن شريح يعني ابن عبيد، قال: ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب، وهو بالعراق، فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين. قال: لا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا، يسقى بهم الغيث، وينتصر بهم على الأعداء، ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب»(2/ 231)
هذا الحديث المرفوع ضعيف، فهو منقطع، ومخالف لما رواه الثقات عن علي، وقد بين هذا الأمر الضياء المقدسي بعد إخراجه للحديث في المختارة؛ فقال:
“شريح بن عبيد شامي سمع معاوية بن أبي سفيان وغيره من أهل الشام ولا أتحقق هل سمع من علي عليه السلام أم لا وصفوان بن عبد الله بن صفوان سمع عليا وغيره فكأن الموقوف أولى والله أعلم”
الأحاديث المختارة (2/ 111)
والموقوف ما أخرجه أحمد في فضائل الصحابة:
“عن الزهري، عن عبد الله بن صفوان، وقال مرة: عن عبد الله بن صفوان بن عبد الله قال: قال رجل يوم صفين: اللهم العن أهل الشام فقال: علي «لا تسب أهل الشام جما غفيرا فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال، فإن بها الأبدال» .”
فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (2/ 905)
فهذا هو الثابت عن علي وليس فيه ذكر عددهم، ولا أنهم يستنزل بهم الغيث، ولا يستنصر بهم على الأعداء، ولا أنهم يدفع بهم عن الشام البلاء.
كلما في الأمر أن في الشام الأبدال، وسوف نبين قصد السلف بالأبدال ومخالفته لمقصد ضلال المتصوفة.
وفي الرواية الصحيحة عن علي رضي الله عنه بين أن الأبدال يكونون في الشام في آخر الزمان، وأنهم ينصرون المهدي ويقاتلون معه.
ففي المستدرك عن عبد الله بن زرير الغافقي، يقول: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول: «ستكون فتنة يحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن، فلا تسبوا أهل الشام، وسبوا ظلمتهم، فإن فيهم الأبدال، وسيرسل الله إليهم سيبا من السماء فيغرقهم حتى لو قاتلتهم الثعالب غلبتهم، ثم يبعث الله عند ذلك رجلا من عترة الرسول صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألفا إن قلوا، وخمسة عشر ألفا إن كثروا، أمارتهم أو علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو يطمع بالملك، فيقتتلون ويهزمون، ثم يظهر الهاشمي فيرد الله إلى الناس إلفتهم ونعمتهم، فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال» هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ” المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 596)
فالروايات الصحيحة عن علي تبين خطأ الرواية الضعيفة المرفوعة، فهي تخالفها في المتن فليس في متنها الألفاظ المنكرة من عدد الأبدال، وما تعلق به أهل الباطل من ألفاظ حملوها على عقيدتهم الباطلة، ومع نكارة تلك الألفاظ فإن لها معاني صحيحة توافق النصوص الشرعية، والعقائد الإيمانية.
وقد بين أهل العلم المعاني الصحيحة للفظ الأبدال عند من تكلم به من السلف ومخالفته لعقائد المخرفين في الأبدال.
من ذلك ما قاله الشيخ فيصل المبارك في شرح للفظ الأبدال في كلام شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية؛ فقال:
“والمقصود أن لفظة الأبدال يراد بها حق وباطل: فمراد شيخ الإسلام وغيره من العلماء: أنهم العلماء العاملون الداعون إلى دين الله المتبعون لسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
وأما الجهال وأهل الغلو فمرادهم أن أهل الأرض يطلبون منهم أن يقضوا حوائجهم، ويكشفوا ضُرَّهم، ويشفعوا لهم عند ربهم وهذا هو دين المشركين الذي أُنزِلت الكتب وأُرسلت الرسلُ للنهي عنه، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}”
التعليقات السنية على العقيدة الواسطية (ص: 127)
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية من يقصد السلف بالأبدال، وأنهم يقصدون بهم أهل العلم بعلوم الأنبياء والاتباع لها والدعوة إليها، والمجاهدين في سبيلها بالقلم والبيان، والسيف والسنان. وأنهم الطائفة المنصورة الثابتون على الحق عند غربة الدين. وأحق الناس بهذا الوصف من اهتم بعلم النبوة طلبا وعملا كحال أهل الحديث؛ فقال:
“الذين يَعِيبون أهلَ الحديث ويَعْدِلُون عن مذهبهم جهلةٌ زنادقةٌ منافقون بلا ريب.
ولهذا لمَّا بلغ الإمامَ أحمد عن ابن أبي قُتَيلة أنه ذُكِر عنده أهلُ الحديث بمكة فقال: قومُ سوءٍ. فقام الإمامُ أحمد وهو ينفضُ ثوبَه ويقول: زنديق زنديق زنديق!!!. ودخل بيتَه.
فإنه عَرَف مَغْزاه.
وعَيْبُ المنافقين للعلماء بما جاء به الرسولُ قديمٌ من زمن المنافقين الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما أهلُ العلم فكانوا يقولون: هم الأبدال؛ لأنهم أبدالُ الأنبياء، أو قائمون مقامَهم حقيقةً. ليسوا من المعدومين الذين لا يُعْرَفُ لهم حقيقة. كلٌّ منهم يقومُ مقامَ الأنبياء في القَدْر الذي ناب عنهم فيه، هذا في العِلْم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعًا.
وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة الظَّاهرين على الحقِّ؛ لأن الهدى ودينَ الحقِّ الذي بعثَ اللهُ به رسلَه معهم، وهو الذي وَعَد اللهُ بظهوره على الدين كلِّه وكفى بالله شهيدًا. ”
الانتصار لأهل الأثر = نقض المنطق – ط عالم الفوائد (ص: 143)
وهذا المعنى الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، هو الوارد في أثر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وهو أن الأبدال هم القائمون بالحق والناصرون له. وهو موافق لمعنى الأحاديث الواردة في وجود الطائفة المنصورة وما ورد في صفاتها، وأنها بأكناف بيت المقدس، وأنها الناصرة للدين والمقاتلة عليه في آخر الزمن.
وقد أورد علماء الحديث الأحاديث التي فيها ذكر الأبدال في كتب الفتن في آخر الزمان، كما فعل نعيم بن حماد، أو في أحاديث المهدي كما فعل ابن حبان، وأبو داود، وابن القيم.
فقد بوب ابن حبان على الحديث الذي فيه ذكر الأبدال بقوله:
“ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم إنما هم القاصدون إلى المهدي في زوال الأمر عنه”
صحيح ابن حبان (15/ 158)
وأبو داود أخرج الحديث الذي فيه ذكر الأبدال في كتاب المهدي.
سنن أبي داود (4/ 106).
فليس مقصد السلف ولا من أخرج الحديث من أهل العلم بالأبدال ما يقصده بها أهل الخرافة من أبدال أهل الديوان.
فالأبدال عند السلف هم العلماء العاملون المتمسكون بالسنة، والناصرون للدين.
وقد بين الشيخ البراك مقصد السلف وأهل السنة بالأبدال حين يطلقونها على بعض الناس؛ فقال:
“والأبدال المراد بهم العلماء والعُبَّاد ، العلماء العاملون والعُبَّاد الصالحون، الذين يخلف بعضهم بعضًا، كلما مات عالم قام بدله، وكلما مات عابد خلفه من بعده، هؤلاء الأبدال ، والله -سبحانه وتعالى- كما جاء في حديث ” لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته ” .
لا يزال فالصالحون والأئمة لا يزالون، وإن كان في آخر الزمان يقل العلم ويثبت الجهل، و ” إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من قلوب الرجال وإنما يقبض العلم أو يُقْبَض العلم بموت العلماء ” ولكن هذا لا يعني أنه ينقطع وينصرم وإن قل ، يقل العلم، فحجة الله قائمة على عباده إلى أن يأتي أمر الله -تبارك وتعالى-. ”
شرح البراك للواسطية (ص: 269)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية معنى آخر يقصده السلف لمعنى الأبدال فقال:
“وقد قيل في معنى الأبدال: إنهم بدلوا سيئاتهم حسنات. وهذا معنى التائبين، فكل مؤمن تاب من سيئاته له هذا المعنى.”
جامع المسائل لابن تيمية – عزير شمس (2/ 70)
وأفادني الشيخ عبد الله ولد أمينو: أن لفظ الأبدال في الإطلاقات السلفية يمكن حمله على معنى الآية الكريمة: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38]
أما المعنى الباطل للأبدال الذي يقول به أهل الخرافة في الأبدال ومنظومة الديوان ويروجون له، فهو من أقوال أهل الشرك كما بين ذلك شيخ الإسلام بقوله:
“القائلون بهذه الأمور منهم من ينسب إلى أحد هؤلاء ما لا تجوز نسبته إلى [أحد من] البشر مثل دعوى بعضهم أن الغوث، أو القطب هو الذي يمد أهل الأرض في هداهم، ونصرهم، ورزقهم، فإن هذا لا يصل إلى أحد من أهل الأرض إلا بواسطة نزوله على ذلك الشخص، وهذا باطل بإجماع المسلمين، وهو من جنس قول النصارى في الباب…
ونحو ذلك من المقالات الباطلة التي تتضمن أن الواحد من البشر يشارك الله في بعض خصائصه .. فهذه المقالات، وما يشبهها من جنس قول النصارى، والغالية في علي، وهي باطلة بإجماع علماء المسلمين … ولا يتوقف نصر الخلق، ورزقهم على وجود الرسل أصلا] ، بل قد يخلق الله ذلك بما شاء من الأسباب بواسطة الملائكة، [أو غيرهم] ، وقد يكون لبعض البشر في ذلك من الأسباب ما هو معروف في البشر.
وأما كون ذلك لا يكون إلا بواسطة البشر، أو أن أحدا من البشر يتولى ذلك كله، ونحو ذلك، فهذا كله باطل، وحينئذ فيقال: للرافضة إذا احتجوا بضلال الضلال: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} [سورة الزخرف: 39] . ” منهاج السنة النبوية (1/ 95- )
وبين شيخ الإسلام أن عقيدة الأبدال بالمفهوم الخرافي منافية للقرآن؛ فقال:
“وقد قال الخليل: (إن ربى لسميع الدعاء) ، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنون في الصلاة: “سمع الله لمن حمده”. فإذا كان هو سبحانه سميع الدعاء، مجيبا لدعوة عباده، قريبا منهم، يجيب الكفار إذا دعوه مضطرين، فكيف يحوج عباده المؤمنين إلى وسائط في رفع حوائجهم إليه كما يفعله الملوك؟”
جامع المسائل لابن تيمية – عزير شمس (2/ 109)
وبين الصنعاني ما في تصور أهل الخرافة للأبدال والأقطاب من عقائد الشرك والبهتان، وأنها عقيدة مأخوذة من عبدة الكواكب والأوثان؛ فقال:
“وإنما نقلناه بألفاظه؛ ليعلم من يقف عليه ممن له بقية نظر لدينه ولإيمانه بالله ورسله وما جاءت به الرسل، أن هذه النقولات كلها مجانبة لما جاءت به الرسل، ولما وردت به كتب الله تعالى المنزلة، وان هذه كلها نقطة من نقاطات المعطلين لله ولرسله، وانها من كلمات العباد للعباد، وأن هذا عائد الى قول من يقول بإلهية الأفلاك والكواكب، وانظر تلعبه بملائكة الله، بل إنكارهم وهروبهم نعوذ بوجه الله من الخذلان.
فهؤلاء اولياء الله عند هؤلاء المبتدعة، بل المعطلة. وانظر بالله عليك إن كان فيك بقية من عقل كم بين وصف عيسى عليه السلام لأولياء الله الذي سقت حديثه في اول هذه الرسالة من الخشوع والعبادة والزهادة، وبين وصف هؤلاء لمن وصفوه بمشاركة الله في التصرف في العالم، بل إن العالم قد استغنى بهم عن الله، وانظر في كلام رسل الله فإن نوحا يقول لقومه { ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك } ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول له الله { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك }
الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف (ص: 15)
ويقول العلامة الفقيه صنع الله الحلبي الحنفي: “هذا وإنه قد ظهر الآن فيما بين المسلمين ، جماعات يدعون أن للأولياء تصرفات في حياتهم ، وبعد الممات ، ويستغاث بهم في الشدائد والملمات ، وبهم تكشف المهمات ، فيأتون إلى قبورهم ، وينادونهم في قضاء الحاجات ، مستدلين على أن ذلك منهم كرامات.
وقرّرهم على ذلك من ادعى العلم بمسائل، وأمدهم بفتاوى ورسائل، وأثبتوا للأولياء – بزعمهم- الإخبار عن الغيب بطريق الكشف لهم بلا ريب، أو بطريق الإلهام أو منام!
وقالوا: منهم أبدال ، ونقباء ، وأوتاد ، ونجباء ، وسبعة وسبعون ، وأربعة وأربعون ، والقطب هو الغوث للناس ، وعليه المدار بلا التباس ، وجوزوا لهم الذبائح والنذور، وأثبتوا لهم فيهما الأجور.
وهذا الكلام فيه تفريط وإفراط ، بل فيه الهلاك الأبدي ، والعذاب السرمدي ، لما فيه من روائح الشرك المحقق ، ومضادة الكتاب العزيز المصدق ، ومخالف لعقائد الأئمة ، وما اجتمعت عليه الأمة)).
((سيف الله على من كذب على أولياء الله ، صفحة: 15-16)).
وقد بين ابن خلدون أن عقيدة الديوان، والأقطاب، والأوتاد، والنقباء، أخذها المتصوفة عن الإسماعيلية، فهي من عقائد الباطنية التي دخلت إلى الفكر الصوفي واستقرت فيه، وأكثر عقائد الصوفية الضالة أخذوها من الرافضة والباطنية.
قال ابن خلدون:
( إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملأوا الصحف من مثل الهروي في كتاب المقامات له وغيره وتبعهم ابن عربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول و إلهية الأئمة مذهباً لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول في القطب ومعناه رأس العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب الإشارات في فضول التصوف منها فقال جل جناب الحق أن يكون شرعه لكل وارد أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد وهذا كلام لا تقوم عليه حجة عقلية ولا دليل شرعي وإنما هو من أنواع الخطابة وهو بعينه ما تقوله الرافضة ودانوا به ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قاله الشيعة في النقباء ) .
المقدمة (ص 473 ) ط القاهرة .
لقد أنتجت هذه العقيدة الخرافية تعلق كثير من المسلمين بغير الله وصرف خوفهم ورجائهم لجماعة الديوان، وأشركوا بالله ما يسمونهم الأقطاب، وحجوا لقبورهم، وصرفوا لهم النذر، والدعاء، حتى تألم من حالهم كثير من علماء المسلمين وأدبائهم وأهل الغير على الدين، وهذه نصوص لبعضهم في تألمه مما لحق عقائد المسلمين من الشرك، وطلب الحاجات من المخلوقين، متأثرين بعقيدة تصرف الأولياء في الكون وتفويض الله أمر الخلق إليهم.
يقول المنفلوطي:
“كثيرا ما يضمر الإنسان في نفسه أمرا، وهو لا يشعر به، وكثيرا ما تشتمل نفسه على عقيدة خفية لا يحس باشتمال نفسه عليها. ولا أرى مثلا لذلك أقرب من المسلمين الذين يلتجئون في حاجاتهم ومطالبهم إلى سكان القبور ويتضرعون إليهم تضرعهم للإله المعبود.
فإذا عَتب عليهم في ذلك عاتب، قالوا: إنا لا نعبدهم، وإنما نتوسل بهم إلى الله، كأنهم لا يشعرون أن العبادة ما هم فيه، وأن أكبر مظهر لألوهية الإله المعبود أن يقف عباده بين يديه ضارعين خاشعين، يلتمسون إمداده ومعونته، فهم في الحقيقة عابدون لأولئك الأموات من حيث لا يشعرون.
والله، لن يسترجع المسلمون سالف مجدهم، ولن يبلغوا ما يريدون لأنفسهم من سعادة الحياة وهناءتها، إلا إذا استرجعوا قبل ذلك ما أضاعوه من عقيدة التوحيد. وإن طلوع الشمس من مغربها، وانصباب ماء النهر في منبعه، أقرب من رجوع الإسلام إلى سالف مجده، مادام المسلمون يقفون بين يدي الجيلاني كما يقفون بين يدي الله ويقولون للأول كما يقولون للثاني: ((أنت المتصرف في الكائنات، أنت سيد الأرضين والسموات)).
إن الله أغير على نفسه من أن يسعد أقواما يتخذونه وراءهم ظهرياً. …
وهل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما نهى عن إقامة الصور والتماثيل، نهى عنها عبثاً ولعباً ـ حاشا وكلا ـ، أم مخافة أن تعيد للمسلمين جاهليتهم الأولى؟ وأي فرق بين الصور والتماثيل وبين الأضرحة والقبور، مادام كل منها يجر إلى الشرك ويفسد عقيدة التوحيد؟.”
من مقال “دمعة على الإسلام”
يقول الشيخ سيد سابق – رحمه الله – : “وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها مفاسد يبكى لها الإسلام . .. منها اعتقاد الجهلة فيها كاعتقاد الكفار في الأصنام وعظموا ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الشر فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأل العباد من ربهم و شدوا لها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا ، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئاً مما كانت الجاهلة تفعله بالأصنام إلا فعلوا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا تجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالماً ولا متعلماً، ولا أميراً ولا وزيراً ولا ملكاً، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا شك معه أن كثيراً من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجراً ، فإذا قيل له بعد ذلك ؛ بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق ، وهذا من أبين الأدلة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثه.”
فقه السنة 1/402
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله:
“أي خلل في دعائم التوحيد معناه الخبل الذي يدرك موطن القيادة الفكرية في هذا الدين الحنيف.
إذا التوحيد في الإسلام حقيقة وعنوان، وساحة وأركان، وباعث وهدف، ومبدأ ونهاية .
ولسنا – كذلك – ممن يحب تصيد التهم للناس، ورميهم بالشرك جزافاً، واستباحة حقوقهم ظلماً وعدواناً ، ولكننا أمام تصرفات توجب علينا النظر الطويل، والنصح الخالص، والمصارحة بتعاليم الكتاب والسنة كلما وجد عنها أدنى انحراف.
لقد اهتمت حكومة إنجلترا – في سبيل مكافحة الشيوعية – بالحالة الدينية في مصر ، فكان مما طمأنها على إيمان المصريين (!) أن ثلاثة ملايين مسلم زاروا ضريح أحمد البدوي بطنطا هذا العام .
والذين زاروا الضريح ليسوا مجهولين لديّ ، فطالما أوفدت رسمياً لوعظهم ، فكنت أشهد من أعمالهم ما يستدعي الجلد بالسياط لا ما يستدعي الزجر بالكلام، وكثرتهم الساحقة لا تعرف عن فضائل الإسلام وأنظمته وآدابه شيئاً.
وأحسب أن القرآن الكريم يقصد إلى التنديد بهذا اللون من إفساد التوحيد عندما قال:
{ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله، فيقول: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء ، أم هم ضلوا السبيل ، قالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً}.
أجل ! لقد نسوا الذكر، وما قام عليه الذكر من توحيد شامل.
وليس يغني في الدفاع عن أولئك الجهلة من العوام أنهم يعرفون الله، ويعرفون أنه وحده مجيب كل سؤال، وباعث كل فضل، وأن من دونه لا يملكون من ذلك شيئاً .
فإن هذه المعرفة لا تصلح ولا تقبل إلا إذا صحبها إفراد الله بالدعاء والتوجيه والإخلاص، فإن المشركين القدماء كانوا يعرفون الله كذلك .{قل من يرزقكم من السماء والأرض ، أمن يملك السمع والأبصار ، ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، ومن يدبر الأمر ، فسيقولون الله}.
وجماهير العامة الآن ينبغي أن تساق سوقاً رفيقاً إلى حقائق الإسلام، حتى تنصرف – في هدوء – عن التوجه إلى الأضرحة وشدّ الرحال إلى ما بها من جثث.”
عقيدة المسلم – دار القلم – دمشق – الطبعة السابعة – ص 64 -69
يقول الشيخ محمد قطب:
“جاءت الصوفية ببدع كثيرة تفسد صفاء العقيدة وصفاء العبادة.
ولا نتحدث هنا عن الخبل الواضح في فكرة الإتحاد ، والحلول ، ووحدة الوجود ، مما يتنافى تنافياً كاملاً مع التوحيد الذي جاء به الرسل جميعاً ، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا التفكير – في حقيقته – نتاجٌ وثني صريح جاء من الهند أو من فارس أو من أي مكان في الأرض.
إنما نتحدث عن بدع أخرى نشأت مع الصوفية ، هي عبادة الأضرحة والأولياء ، وتضخيم الشيخ في حس المريد حتى يصبح وسيطاً بينه وبين الله ، وتوجيه ألوان من العبادة إلى أولئك “المشايخ” أحياء وأمواتاً لا يجوز توجيهها لغير الله.
إنها ردة جاهلية.
صحيح أن الناس لا يعبدون صنماً منحوتاً كما كان يفعل المشركون يوم ذاك ، ولكن كيف نسمي التمسح بالأضرحة التماساً للبركة ، والدعاء عنده رجاء الاستجابة ، وطلب المعونة من صاحب الضريح ، والاستغاثة به من الكرب ، والإيمان بأنه ذو حظوة عند الله ، يستطيع بها أن يغير مجرى الأقدار ؟ ! أو الإيمان بأن الله قد عهد إلى الأقطاب والأبدال أن يتصرفوا في ملك الله ، فإذا استعطفهم مريدهم وتضرعوا إليهم صرّفوا الأمور لصالحهم ، وحموهم من الأخطار.
ألم يكن مشركو الجزيرة يقولون: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى} الزمر:3.؟ ! أي: لا نعبدهم لذواتهم ولكن لما لهم من حظوة عند الله ؟!
جاء الإسلام ؛ ليلغي كل واسطة بين البشر وربهم ، وليعقد الصلة مباشرةً بين العبد والرب: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم} غافر: 60.{وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان} البقرة: 186.
وجاءت الصوفية ؛ لتجعل بين العبد وربه وسطاء وشفعاء ، سواء كانوا من الأموات أو الأحياء ..
جاء الإسلام ؛ ليجعل الدين خالصاً لله ، وجاءت الصوفية ؛ لتحوّل الشيخ في حس المريد إلى وسيط بين الناس وربهم ، بحجة أنه مبارك عند الله ، ترجى بركته ؛ ليقرب الناس إلى الله زلفى ، وليجعل الله يحيطهم برحمته ، فكأنما له شركة في الأمر مع الله ، مع أن الله قال لرسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم: {ليس لك من الأمر شيء} آل عمران: 128.
وجاء الإسلام ؛ ليقرر بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ، بشرية خالصة ، لا يخالطها شيء من “اللاهوت”، فغلت الصوفية في حبه وتعظيمه ، حتى جعلت كأنما خلق الله الخلق ؛ ليشاهدوا الأنوار المحمدية ، وليس أن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم لهداية البشرية: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} الأنبياء: 107.”
المصدر: كتاب “لا إله إلا الله عقيدة وشريعة ومنهاج حياة” صفحة: (57 – 60)
كتبه عبد الله بن عمر الشنقيطي.