السيرة الذاتية للشيخ أبي سليمان مختار بن العربي مؤمن الجزائري
27-10-2020 1605 مشاهدةالحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه ،وكرم بالرسالة مقامه وأتمّه ،والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير المبعوث رحمة للعالمين المنزل عليه (اقرأ ) وعلى آله وصحبه الذين تعلموا الدين وكانوا به يعملون وسلم تسليما .
أما بعد فهذه ترجمة طلبها مني بعض الإخوان ، نسأل الله أن يجعلنا وإياهم يوم القيامة في ظل عرشه يوم لاظل إلا ظله .
بطاقة تعريفية :
أبوسليمان المختار بن العربي بن أحمد بن اعمر بن عامر ،ومن الوالدة الكريمة التالية بنت بوزيان بن المختار بن المقدم بوعرفة ينتهي نسبنا إلى المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، فنحن بحمد الله حسنيون هاشميون.
ولدت بعين السخونة ولاية سعيدة والمسماة جغرافيا بالشط الشرقي ،بالجزائر سنة 1384 هجرية والموافق لسنة 1964 ميلادي ،أنتسب إلى فرقة المخاطرية أي أحفاد سيدي أحمد بن المختار (دفين قرطوفة بتيارت)، وقادة بن المختار جد الأمير الشهم عبد القادر بن محي الدين ، لي من والدي الكريمين ستة إخوة ذكور وأختان ،استشهد منهم ثلاثة تقبلهم الله تعالى في عداد الشهداء .
حالتي الاجتماعية:
متزوج بالفاضلة الكريمة خيرة بنت سليمان بن عمر ،ولي منها ثلاث بنات ، وابنان وهم :حفصة ،وريحانة، وسلمى ، وسليمان ، وأحمد ، ولي بنت رابعة وهي البكر مريم وأخوالها الشناقطة، من بني جاكان وهم أهل علم وفضل .
الحياة العلمية:
درست في صغري في الكُتَّاب كعادة أبناء القرى والمداشر، فحفظت أجزاء من القرآن ، ولم يحالفني في صغري التوفيق في حفظ كتاب الله وتابعت الدراسة في المدارس الحكومية إلى السنة الأولى ثانوي، لكن النوازع والرغبات الملحة من الداخل كانت تنادي أنّ هذا ليس مسلكك ، فتركت الدراسة النظامية ، وشددت الرحال إلى مدينة أدرار حيث كان للشيخ محمد بن الكبير رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
زاوية عامرة بتعليم القرآن والعلوم الشرعية واللغوية ، ولازالت لكن بعد غيابه ليست كما كانت، وكان مما كتبه الشيخ في لوحي وكان من عادته أن يكتب بداية اللوح الأول للطلاب المستجدين قوله تعالى : «إنا فتحنا لك فتحا مبيناً »[الفتح1].
وقد وجدت بذلك الافتتاح سرورا عظيما، وانشراحا فسيحا ، – وسأذكر إن شاء الله ترجمة مشايخي في كتاب خاص- لم أمكث طويلا بها، فرحلت إلى تلمسان وحططت الرحال عند شيخنا -المرحوم إن شاء الله -الشيخ مصباح العياشي وهو من أصل مغربي، بقرية القعافرة بالكاف المعقودة ، بلدية عين النحالة (وهي اول بلدية اشتراكية دشنها الرئيس هواري بومدين)، أتممت عنده حفظ القرآن برواية ورش عن نافع ، وكان ذلك بفضل من الله في فترة وجيزة ، وكان رحمه الله تعالى يكرمني ويقدمني على غيري من الطلبة، بل عرض علي الزواج ، ولكن رغبتي كانت ملحة في طلب العلم ، فما أبديت له موافقة ولارفضا، فجزاه الله عنا خيرا ،ثم انتقلت بعد ذلك إلى مستغانم فأعدت الختمة الثانية مع حضور دروس عند شيخنا العلامة الشيخ الجيلالي بلمهدي متعه الله بالصحة والعافية ،
ولم أمكث إلا بضعة أشهر، ثم عدت بعدها إلى شيخنا العياشي رحمه الله تعالى وكان ذلك لظروف خاصة فأرسلني إلى بلدية الوادي الأخضر والمعروف بالشولي ولاية تلمسان ،فكلفت بالإمامة والخطابة هناك لمدة سنة تقريبا ،بعدها أديت الخدمة العسكرية ، ولما أنهيتها التحقت بمدرسة الآمير عبد القادر بمدينة سعيدة والتي أسسها شيخي وصهري العلامة الشهيد الشيخ سليمان بن عمر ميلودي رحمه الله تعالى ،
فدرست عنده سنة قرأت فيها عليه مع الحفظ:
1-جوهرة التوحيد.
2-والرحبية في الفرائض.
3-وربع الألفية مع الشرح.
4-والبلاغة الواضحة.
5-وأبوابا من مختصر خليل.
6-وأكملت معهم أسهل المسالك في الفقه المالكي وقد كانوا بدؤا الدراسة فيه قبلي .
7-والبيقونية في مصطلح الحديث .
8-وهدية الألباب في جواهر الآداب للشيخ حسين أفندي الجسر .
9-وقصيدة الألبيري في الحث على الطلب .
10-ومتن الدرر اللوامع (وقد كتب الله لي طباعته ونشره باسم : المختصر الجامع في شرح الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع )دار ابن حزم .
وكان يعطينا دروسا في أحكام التجويد التطبيقي ، كما درسنا متن الدرر اللوامع في أصل مقرإ الإمام نافع ، إلى جانب دروس أخرى في العلوم الاجتماعية، وكانت على قصر مدتها مباركة بحمد الله تعالى.
ثم شددت الرحال إلى بلاد شنقيط (موريتانيا )، فالتحقت بمعهد العلوم الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أدرس في الصباح في المعهد، وفي المساء عند شيخنا العلامة محمد محفوظ بن المختار فال الشنقيطي وعليه تتلمذت بداية في شنقيط [1]
وقد وفقني الله لنشر بعض كتبه :
1-التنكيل المشدد في الرد على صاحب القول المسدد (زكاة العملات الورقية المعاصرة ) دار ابن حزم .
2- جواهر الدرر في نظم أصول ابن باديس الأغر(دار ابن حزم ).
3-اتحاف طلاب البرية بشرح متن الجزرية (تحت الطبع).
4-وشرح على السلم المنورق .
وللشيخ كتب أخرى يسر الله طباعتها ونشرها منها :
5-شرح للإساغة في شرح نظم واضح البلاغة، والنظم لشيخ مشايخنا عبدالله ولد الإمام الشنقيطي
6- شرح على مراقي السعود لسيدي عبد الله بن إبراهيم الشنقيطي .
7-شرح لمرتقى الوصول لابن عاصم.
8-شرح للمقصور والممدود لابن مالك وقد نشره الأخ الفاضل عبد الحميد الأنصاري بدار الكتب العلمية .
وغيرها من الكتب النافعة ، ويكفي شيخنا شرفا أنه لم ينقطع عن التدريس منذ أن جلس له من أواسط الثمانيات من القرن الماضي ، أتم الله عليه سابغ النعم .
وقد كانت الدراسة في المعهد ثلاث سنوات متتالية :
قرأنا فيها :
1-جزء المعاملات من عمدة الأحكام مع شرحه تيسير العلام، وحفظ الأحاديث .
2-رسالة ابن أبي زيد القيرواني ،
3-وألفية ابن مالك مع شرح ابن عقيل ،
4-وفي العقيدة كتبا منها الواسطية وشرحها ،والحموية .
5-والفرائض .
6-ومصطلح الحديث للشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى .
7-وأصول الفقه للشيخ أيضا .
8–والبلاغة .
9-وعلم العروض والقوافي .
10-وغيرها من العلوم النافعة ولله الحمد ،مكثت بالمعهد حتى تخرجت منه بدرجة ممتاز ،وكنت الأوّل بفضل الله في جميع السنوات التي درستها هناك .
عزفت نفسي عن الدراسة النّظامية مجدّدا لما وجدته من لذّة في الدراسة عند المشايخ الكرام ، فانقطعت عن الدراسة في المعهد بعد نيل الشهادة الثانوية ، ورشحت للدراسة في الجامعة الإسلامية لكن جاء الاعتذار بسبب كبر السن،وكبر السن لايقف أمام همة الطالب بعد توفيق الله تعالى ، إذ كان عندي آنذاك تسع وعشرون سنة.
استخارة وتوفيق من الله تعالى :
استخرت الله في ملازمة شيخنا العلامة محمد بن محفوظ فرأيت فيما يرى النائم كأنني في صحراء وإلى جانبي شجرة وبينما أنا جالس على تلك الحال مرّ بي الشيخ فانتقلت من العراء إلى ظل الشجرة، فاستشرته في البقاء عنده فألحقني بأهله، وكنت الوحيد من الطلبة الذين أدخلهم بيته آنذاك ولازمته، وكان نعم الوالد والمربّي ،وقد درست عليه فيها :
1- ألفية في أصول الفقه مع حفظها وهي : مراقي السعود لسيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم ومطلعها :
الحمد لله الذي أفاضا***من الجدى الذي دهورا غاضا
وكان شرحها المسمى نشر البنود صعبا نوعا ما .
2- فحفظت السلم المنورق للأخضري مع شرحه عليه .
3- ألفية الأثر للسيوطي في علم الحديث فقد درست عليه ثلثها، وأكملتها بعد ذلك في الدوحة .
4- البيقونية في مصطلح الحديث .
5- مرتقى الوصول لابن عاصم .
6- نظم الورقات للشيخ محمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي .
7- ودرست بعضا من فتح الباري شرح صحيح البخاري.
8- وبعض التفسير .
9- كما عرضت عليه موطأة ابن المرحل والتي نظم فيها فصيح ثعلب.
إجازات من شيخنا :
أجازني إجازة عامة في شتى العلوم،وأذن لي في التدريس إذنا عاما، وإن كنت ليس أهلا لذلك .
أجازني في قراءة نافع براوييه ورش وقالون بسند متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن ربّ العزّة جلّ جلاله .
وإجازة في رواية حفص عن عاصم .
وفي الحديث:
أجازني في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود،وعرضت عليه كتابي الموسوم بـ :العرف الناشر في شرح وأدلة فقه متن ابن عاشر.
وقرظه بما هو مزبور في مقدّمة الكتاب ، ثم جزء العقيدة والتصوف لابن عاشر وقرظه أيضا،وهذا نصه :
أبديت في العَرْفِ يَا مُخْتَارُ إِحْكَامَا***لا الهجرَ جئتَ بهِ كَلاَّ ولا الذاما
أبديتَ فيه أعاجيباً مسطَّرَةً*** وجئتَ فيه بما قد عَزَّ أَقْوَامَا
صَفَتْ مشَارِبُهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ سِوَى***أصلٌ وفرعٌ علَى الأَصْلَينِ قَدْ قَامَا
مُوَشَّحاً بِتَعَالِيق مُهَذَّبَة*** مقَرِّبَاتٍ إلى الأفهامِ إِفْهَامَا
آنَسْتَ فيهِ سُلُوكاً غَيرَ مُنْحَرِفٍ***وَشِمْتَ فِيهِ إِلَى الإِنصَافِ إِقْدَامَا
أَصْمَى مِنَ الحْقِّ قِسطاً عَزَّ مَطْلَبُهُ ***بِنَاقِدٍ عَنْ سَوَاءِ الْقَصْدِ مَا مَامَا
والنَّاسُ في شَأْنِ ذَا مَا بيَنَ مُتَّبِعٍ*** جَهْلاً هَوَاهُ وَمَنْ فِي غَيِّهِ هَامَا
وَزَانَه في مَجَالِ النَّقْلِ أنَّ لَهُ***فِي كُلِّ مَا سَاقَ تَنْقِيحاً وَإِبْرَامَا
أَتَى بكَ اللهُ مِنْ أَسْلاَفِنَا خَلَفاً***رِضًى، وَسَيْفاً عَلَى الأَعْدَاءِ صِمْصَامَا
تَحْمِي حَرِيماً تَنَاسَى القومُ حُرْمَتَهُ*** وَاسْتَجْهَلُوهُ مَفَازَاتٍ وَأَعْلاَمَا
مِنْ عِلْمِكَ الْجَمِّ والأَقوَامُ شَاهِدَةٌ***ثَارَتْ بحوثٌ عَفَاهَا الجَهْلُ أَيَّامَا
هَذَا وَلاَزَالَ منكَ الْفَيضُ مُنْبَسِطاً ***تَرْعَى حِمَاهُ رِعَاءَ العِلْمِ أَعْوَامَا
عَلَيْكَ تَتْرَى أَيَادِي اللُّطْفِ مُوصَلَـةً***غَضّاً مِنَ الْعَيْشِ تَبْجِيلاً وَإِكْرَامَا
وقرظ كتابي توشيح حلية طالب العلم وهو مطبوع والحمدلله بما يلي :
جَلَى خَفِيَّ الحِلْيَةِ الْغَرَّاءِ تَوْشِيحُ ***لِلْعَقْدِ حِلٌّ وَلِلإِشْكَالِ تَوْضِيحُ
غِبًّا بَدَى فِي ثَنَايَا الْمَتْنِ مُتَّشِحاً ***خمرَ الكَلامِ كَمَا تَبْدُو الْمَصَابِيحُ
أَلْفَاظُهُ وَمَعَانِيهِ جَرَتْ ذُلُلاً***تَحْكِي لِأَرِيجِ الشَّذَى تَجْرِي بِهِ الرِّيحُ
فِيهِ لِمَنْ جَمَّ إِسْعَافٌ، وَفِيهِ لِمَنْ ***قَدْ كَدَّ بِالجِدِّ إِحْمَاضٌ وَتَرْوِيحُ
إِنِ الْمَقَامُ اقْتَضَى التَّصْرِيحَ كانَ كَذَا***وَهْوَ إِذْ يَقْتَضِي التَّلْويحَ تَلْوِيحُ
فِي الْقَبْضِ تَبْسُطُهُ وَالْبَسْطِ تَقْبِضُهُ***وبيَن ذَيْنِ لِمَجْرَى القولِ تَسْرِيحُ
تَقَبَّلَ اللهُ مَسْعَاكَ الْحَمِيدَ وَلا***عَدَاكَ مِنْ فَضْلِهِ مَنٌّ وَتَرْشِيحُ
إِنْ أَنْتَ إِلاَّ لِهَذَا الْعِلْمِ مُشْكله ***مِفْتَاحٌ عَزَّ إِذَا عَزَّتْ مَفَاتِيحُ
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ دَانَتْ كُلُّ غَامِضَةٍ***إذْ بِالْغُمُوضِ عَلاَهَا الْيَوْمِ تَوْشِيحُ
أَزْكَى الصَّلاَةِ عَلَى الهَادِي وَشِيعَتِهِ ***مَا اخْضَرَّ بِالْبَانَةِ الْقَيْصُـــومُ وَالشِّيحُ