أيهما أفضل مكة أم المدينة …خلاف قديم وتفضيل المالكية للمدينة المنورة
15-08-2021 2026 مشاهدةقال القرافي رحمه الله تعالى في التفضيل بينهما :
الباب الثاني عشر في فضل المدينة على مكة قال صاحب المقدمات: أجمع أهل العلم على فضلهما على غيرهما وعند عبد الوهاب وبعض المالكية المدينة أفضل من مكة وعند الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما مكة أفضل ، قال : وهو الأظهر؛ وأعلم أن الأزمان والبقاع مستوية من حيث هي: أما الأزمان فلأنها عند المتكلمين اقترانات الحوادات بعضها ببعض ومفهوم الاقتران لا يختلف في ذاته وأما البقاع فلأن الجواهر مستوية وإنما الله تعالى فضل بعضها على بعض بأمور خارجة عنها [1]… إلى أن قال :
قال القاضي عياض أجمعت الأمة على أنّ البقعة الحاوية لأعضائه أفضل البقاع ؛
قال القاضي عبد الوهاب : لما استدل بهذه الأحاديث( أحاديث فضل الصلاة في المسجدين وذكرها ) إذا ثبت ذلك فتكون الصّلاة في مسجدها أفضل من الصلاة في المسجد الحرام ،
ويكون الاستثناء في قوله : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلاّ المسجد الحرام » معناه أنه أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بأقلّ مما فضل غيره وعليه سؤالان :
أحدهما : لا يلزم من أفضلية البلد على تقدير تسليمها أفضلية الصلاة ،
وثانيها : أنّ في التمهيد قال : «صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف ومائة صلاة فيما سواه » واعلم أن تفضيل الأزمان والبقاع قسمان دنيوي كتفضيل الرّبيع على غيره من الأزمان ، وتفضيل بعض البلدان في الثمار والأنهار وطيب الهواء وموافقة الأهواء ، وديني كتفضيل رمضان على الشهور وعرفة وعاشوراء ونحوهما ، ومعناه كثرة جود الله تعالى فيها على عباده، وكذلك الثلث الأخير من الليل لجود الله تعالى بإجابة الدعوات ومغفرة الزلاّت وإعطاء السؤال ونيل الآمال، ومن هذا تفضيل مكة والمدينة ولوجوه أخرى ؛ وقد اختصّت مكة بوجوه من التفضيل:
أحدها :وجوب الحج والعمرة على الخلاف، والمدينة يندب إتيانها ولا يجب؛
وثانيها: فضلت المدينة بإقامته بها بعد النبوة عشر سنين وبمكة ثلاث عشرة سنة بعد النبوة .
وثالثها : فضلت المدينة بكثرة الطارئين من عباد الله الصالحين ، وفضلت مكة بالطائفين من الأنبياء والمرسلين فما من نبي إلاّ حجّها آدم فمن دونه ولو كان لمالك داران فأوجب على عباده أن يأتوا إحداهما ، ووعدهم على ذلك بغفر سيّئآتهم ورفع درجاتهم دون الأخرى لعلم أنّها عنده أفضل.
ورابعها : أنّ التّقبيل والاستلام نوع من الاحترام وهما خاصّان بالكعبة وخامسها : وجوب استقبالها .
وسادسها: تحريم استدبارها لقضاء الحاجة.
وسابعها : تحريمها يوم خلق الله السّماوات والأرض ولم تحرم المدينة إلاّ في زمانه عليه السلام .
وثامنها : كونها مثوى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام .
وتاسعها: كونها مولد سيد المرسلين .
وعاشرها : لا تدخل إلاّ بإحرام ،
وحادي عشرها : قوله تعالى: ( إنّما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ) [2] التوبة،
وثاني عشرها: الاغتسال لدخولها دون المدينة،
وثالث عشرها: ثناء الله تبارك وتعالى على البيت وهو قوله عزّ وجل : ] إنّ أوّل بيت وضع للنّاس للذي ببكّة مباركا وهدًى للعالمين فيه آيات بينات [ [3] .[4] اهـ .
[1] – الذخيرة في الفقة المالكي [ جزء 3 – صفحة 377 ].
[2] – من الآية ( 28) من سورة التوبة.
[3] – من الآية (96) من سورة آل عمران .
[4] – انظر الذخيرة ( 3 /377).
تعليقات المستخدمين
Subscribe
Login
0 تعليقات