أنواع الهجر لأهل البدع
15-08-2021 1335 مشاهدةأنواع الهجر[1] : وهى ثلاثة :
الأول : الهجر ديانة ، أي : ( الهجر لحقّ الله تعالى ) وهو من عمل أهل التقوى ، في : هجر السيئة ، وهجر فاعلها ، مبتدعاً أو عاصياً .
وهذا النوع من الهجر للفجار على قسمين :
أ – هجر ترك : بمعنى هجر السيّئات ، وهجر قرناء السّوء الذين تضرّه صحبتهم إلاّ لحاجة أو مصلحة راجحة .
قال الله تعالى:] الرُّجْزَ فَاهْجُرْ[ [2]، وقال سبحانه:] واهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [ [3] ، وقال تعالى :] وإذَا رَأَيْتَ الَذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وإمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ [ [4].
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
“في هذه الآية ردّ من كتاب الله عزّ وجلّ على من زعم أنّ الأئمّة الذين هم حجج وأتباعهم ، لهم أن يخالطوا الفاسق ، ويصوّبوا آرائهم تقية ، وذكر الفري عن أبي جعفر محمّد بن علي رضي الله عنه أنّه قال : لا تجالسوا أهل الخصومات ، فإنّهم الذين يخوضون في آيات الله .
قال ابن العربي : وهذا دليل على أنّ مجالسة أهل الكبائر لا تحلّ . قال ابن خويز منداد : من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر مؤمنا كان أو كافرا ،قال : وكذلك منع أصحابنا الدّخول إلى أرض العدو ، وكنائسهم ، والبيع ومجالسة الكفار وأهل البدع ، وألاّ تعتقد مودّتهم ، ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم ، ثم ذكر بعض الآثار عن السلف في هجر المبتدعة “اهـ[5] .
وقال تعالى : [ وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَر بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذاً مِّثْلُهُمْ [ [6] ، وفي الحديث أنّ النبي
صلى الله عليه وسلم قال : « المهاجر من هجر ما نهى الله عنه »[7].
ب – هجر تعزير : وهذا من العقوبات الشرعية التبصيرية التي يوقعها المسلم على الفجار كالمبتدع ، على وجه التأديب ، في دائرة الضوابط الشرعية للهجر ،حتى يتوب المبتدع ويفيء .
وهذا النوع بقسميه من أصول الاعتقاد ، والأمر فيه أمر إيجاب في أصل الشرع ، ومباحثه في كتب السنن والتوحيد والاعتقاد وغيرها .
تنبيه : في هجر الكافر :
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- : ” قال الطبري : قصة كعب ابن مالك أصل في هجران أهل المعاصي ، وقد استشكل كون هجران الفاسق أو المبتدع مشروعاً ولا يشرع هجران الكافر ، وهو أشد جرماً منهما لكونهم من أهل التوحيد في الجملة .
وأجاب ابن بطال : بأن لله أحكاماً فيها مصالح للعباد وهو أعلم بشأنها وعليهم التسليم لأمره فيها ، فجنح إلى أنه تعبد لا يعقل معناه .
وأجاب غيره : بأنّ الهجران على مرتبتين : الهجران بالقلب ، والهجران باللسان ، فهجران الكافر بالقلب وبترك التودّد والتعاون والتناصر لا سيما إذا كان حربياً ، وإنما لم يشرع هجرانه بالكلام لعدم ارتداعه بذلك عن كفره ، بخلاف العاصي المسلم فإنه ينزجر بذلك غالباً ، ويشترك كلّ من الكافر والعاصي في مشروعية مكالمته بالدّعاء إلى الطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنما المشروع ترك المكالمة بالموادة ونحوها ” ا هـ[8] .
والظاهر ما قاله النووي -رحمه الله تعالى- من أن للمسلم هجر الكافر من غير تقييد ، لما هو معلوم من الأصل الشرعي العام من تحريم موالاة الكفار ،
والتحذير من موادتهم وتعظيم ما يؤدي إلى ذلك ، ونصب الأسباب الموصلة إلى
ظهور المسلم عليهم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه
: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تبدءوا اليهود والنّصارى بالسّلام ، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ” رواه أحمد ومسلم وغيرهما [9]. والنصوص في تحريم موالاة الكافرين من الكتاب والسنة وآثار السلف كثيرة مشهورة ، والله أعلم.
[1] – بتصرف من كتاب هجر المبتدع للعلامة بكر بن عبدالله أبي زيد .
[2] – من الآية ( 5 ) من سورة المثر .
[3] – من الآية ( 10 ) من سورة المزمل .
[4] – من الآية (68 ) من سورة الأنعام
[5] – تفسير القرطبي (7/12 – 13 ).
[6] – من الآية (140 ) من سورة النساء .
[7] – أخرجه الحميدي (595) و”أحمد” 2/163 (6515) و2/192(6806) والبخاري (10) وأخرج مسلم بعضه في الإيمان باب بيان
تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل رقم( 40).
[8] – فتح الباري (10/513) بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الْهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى.ط/الريان .
[9] – أحمد” 2/263(7557) و”مسلم ( 5712)، و”البُخاري” في “الأدب المفرد ( 1103).
المناهل الزلالة في شرح وأدلة الرسالة
تعليقات المستخدمين
Subscribe
Login
0 تعليقات