لأني أحبكم في الله فأهدي لكم هذه الهدية في شهر القرءان
27-10-2020 1037 مشاهدةبسم الله الرحمن الرحيم
من وحي ألفاظ القرءان في القرءان[1]
إعداد أبي سليمان مختار بن العربي مومن الجزائري ثم الشنقيطي
لقد من الله على نبيه e وعلى أمة رسوله بإنزال القرءان العظيم الذي هو الشفاء التام، والذكر الحكيم، والشرف الرفيع ،والحصن المنيع ، والصراط الهادي ، والحجة البالغة ، والحبل المتين ، الذي عجائبه لاتنقضي ، ولايبلى من كثرة التلاوة ولايمل ، نزل في شهر مبارك ) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ([البقرة] ، ولمّا كان الله الكريم أنزل كتابه العظيم فقد قال : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) ([الإنسان ] ، فهو e يتلقاه من ربه بواسطة جبريل عليه السلام ) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) ( [النمل]، لأنك في أمة غافلة بعيدة عن وحي السماء فاحتاجت لرسالة خاتمة فـ) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) ( [يوسف]، فهاك هذا الوحي حتى لاتكون من الأشقياء ) طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرحمن ( [طه]، نعم إنه ) الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) ([الرحمان ] ، وهو الهداية العظمى والبشرى الكبرى للمؤمنين ) تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) ( [النمل]، وقد خص الله هذا القرءان بتنزيله أعظم حبيب ليبلغه ) وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ( [الأنعام ] ، وأمره بتلاوته )ٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ (92) ( [النمل ]، وأن يستفتحها بالاستعاذة بالله من عدوّه ) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) ( [النحل]، وأن يرتل قراءته ) وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) ( [المزمل]، لأنه ميسّر للذكر ) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17) ( [القمر ] ) و ( لذلك يجب عليكم أيها المؤمنون ) إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) ( [الأعراف]، وعليكم أن تقرؤوا من هذا الذكر في صلواتكم وفي خلواتكم وجلواتكم ) فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ([المزمل ]، لـ ) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) ( فهوسبحانه أنزله شفاء من كل الأمراض الظاهرة والباطنة ) وننزل من القرءان ماهو شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ( [الإسراء ]، وأن هذا القرءان لو نزل على الجبال الرواسي لخشعت لجلال الله وجماله ) لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) ( [الحشر] ، وضرب فيه من الأمثال مايزيل الإشكال ويحُلُّ الأقفال ) ولَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ( [ الزمر ]، ) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) ( [محمد] ، أم أنه سيشكوكم نبيكم e لربّه ) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) ( [الفرقان ]، أم أنكم لازلتم تجادلون في صدقه ) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) ( [الكهف ]، ولاتلفت أيها النبي لأولئك المعرضين ) وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) ( [ الإسراء ]، فلقد استبدلك الله بهم خلقا آخر يؤمنون برسالتك إن أعرض هؤلاء ) وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) ( [الأحقاف ]، لأنك ) وإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) ( [الإسراء ] ،وحتى لو أخرجوك من قريتك وكذبوك فاعلم ) إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ( [ القصص]، لأنهم عاجزون أن يجدوا فيه اختلافا ولو صغيرا ) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) ( [ النساء ] ، لأنهم يتعاملون مع القرءان حسب أهوائهم فينزّلونه على حسب شهواتهم إنهم هم ) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) ( [ الحجر ] ، بل لو اجتمع جميع فصائحهم وبلغائهم أن يأتوا بعشر سور بل بسورة بل بأدنى من ذلك ءاية ، بل ) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) ( [ الاسراء ] ) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) ( ، [الروم ] لأنه )مَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)( [يونس ]، إنهم عاجزون عن فعل أي شيء يصد الناس الواردةِ قلوبُهم لهذا القرءان فلذلك قرروا ألا يؤمنوا : ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ( [ سبأ] ، ثانيا: ان يشوشوا عن السامعين للقرءان ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) ( [ فصلت ] ، وقد زعموا أنه لو كان من عند الله ) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) ( [ الفرقان ]،
وأنتم يامعشر المؤمنين يا من ءامنتم بهذا القرءان وبرب القرءان وبنبي الرحمن ) لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) ( [ المائدة ]، ونبهوا من كان قبلكم من أهل الديانة السماوية ليعودوا إلى الدين الحق وإلى القرءان العظيم فسيحل جميع ما كان بينهم من خلاف ) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) ( [ النمل ] .
ملخص من كتاب القرءان الصاحب الوفي
للشيخ مؤيد عبدالفتاح حمدان
رحلة صاحب القرءان مع القرءان
ترتيب أبي سليمان مختار بن العربي مومن
بدايَةُ الصَّداقَة وَالصُحبَةِ:
بدأَ يقرأُ القرآنَ ويرتلهُ، يترنَّمُ بهِ ويحفظُهُ، كانَ معَ إخوانهِ في حلقاتِ القرآنِ يتمثَّلُهُ
أحسَّ بالراحةِ غَشِيَتْ قَلْبَهُ الطُّمأنينةُ، تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى إخْوانِهِ السَّكينَةُ، كيفَ لا وَالنََّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم– يَقُولُ:"وَمَا اجتمعَ قومٌ في بيتِ من بيوتِ اللهِ ، يتلون كتابَ اللهِ ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلتْ عليهم السكينةُ ، وغشيتْهم الرحمةُ وحفّتهم الملائكةُ ، وذكرَهم اللهُ فيمن عنده "صحيح مسلم.
قَدْ عَلِمَ أنَّ أجْرَ الْقْرْآنِ وَتَعَلُّمِهِ أَعْظَمُ. مِنَ الدّنْيا وَمَا فِيهَا..
قَالَ – صلى الله عليه وسلم-:" أفلا يغدو أحدكم إلى المسجدِ فيُعَلِّمَ أو يقرأَ آيتيْنِ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ خيرٌ لهُ من ناقتيْنِ . وثلاثٌ خيرٌ لهُ من ثلاثٍ . وأربعٌ خيرٌ لهُ من أربعٍ . ومن أعدادهنَّ من الإبلِ " صحيح مسلم.
حَفِظَ القُرآنَ الكَريمَ كامَلاً … فَحَفِظَهُ القُرْآنُ.
كَانَ يَجْمَعُ الْحَسَنَاتِ جَمْعًا وَهُوَ لا يَشْعُرُ، فرَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:"من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ ، و الحسنةُ بعشرِ أمثالِها ، لا أقول الم حرفٌ و لكن : ألِفٌ حرفٌ ، و لامٌ حرفٌ ، و ميمٌ حرفٌ » .
صارَ القُرْآنُ سَمِيرُهُ فِي وحْدَتٍهِ ، أَنِيسَهُ فِي وَحْشَتِهِ، خَلِيلَهُ فِي غُرْبَتِهِ ، أَحْيَا بِهِ لَيْلَهُ، أَسْعَدَ بِهِ قَلْبَهُ، نَاجَى بِهِ رَبَّهُ
كَانَ الجَمِيعُ مِنْ حَوْلِهِ يَغْبِطُونَهُ علَى هَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمَةِ، وَحَقَّ لَهُمْ ذلِكَ ، وَرَسُولُ اللهِ – e – يَقُولُ :"لا حسدَ إلا في اثنتَين : رجلٍ آتاه اللهُ القرآنَ . فهو يقوم به أناءَ الليلِ . وآناءَ النهارِ . ورجلٍ آتاه اللهُ مالًا . فهو ينفقُه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ"صحيح مسلم.
ويقول – صلى الله عليه وسلم- :"لا حسدَ إلا في اثنتَين : رجلٍ آتاه اللهُ القرآنَ . فهو يقوم به أناءَ الليلِ . وآناءَ النهارِ . ورجلٍ آتاه اللهُ مالًا . فهو ينفقُه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ"صحيح مسلم.
القيام بحق الصحبة في كل وقت
ومثلما كان القرآن صاحبه في الليل كان أيضاً صاحبه في النهار، أقام حدوده وحروفه، تأدَب بآدابه، تغنَّى بتَرْدَادِه، صار كالأَتْرُجَّة، ريحها طيِّبٌ ، وطعمها طَيِّبٌ، وقد:
قال رسول الله- e « مثلُ المؤمنِ الَّذي يقرأُ القرآنَ كالأُتْرُجَّةِ طعمُها طيِّبٌ وريحُها طيِّب » "متفق عليه
صارَ كحاملِ المِسْكِ، يَفُوحُ طيباً وَخُلُقاً وَإيماناً.
نعمْ، قد كَانَ فقيرا ، كَانَ ضَعيفاً، كَانَ لا يُلْتَفَتُ إليْهِ، لكنْ رَفَعَهُ اللهُ بالقُرْآنِ وأعلى شأْنَهُ بَيْنَ الأَنام، وصدقَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ يقول « إنَّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ به آخرِينَ » صحيح مسلم .
ويقول: " يؤُمُّ القَوْمَ أقْرَؤُهُمْ لِكِتابِ الله" صحيح مسلم
كَانَ بَعْدَ رُجوعَهِ مَنَ العَمَلِ يَشْتَغِلُ بِالقُرْآنِ، فالقُرْآنُ شُغْلُهُ الشَّاغلُ، وَمُتْعَتُهُ المَاتِعةُ… كَانَ يَعيشُ مع القُرآنِ تعلُّماً وَتَعْليماً ، قراءة وَتدبُّراً، مطالعةً وَتَفْسيراً… كان من خيرٍ النَّاسِ وَأفْضَلِهِمْ، وَلِمَ لا … وَرَسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" « خيرُكم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَه » صحيح البخاري
إنه لم ينسَ يوماً قطُّ قوله- صلى الله عليه وسلم: "أهلُ القرآنِ ، أهلُ اللهِ وخاصَّتُه" رواه ابن ماجة وإسناده حسن
وقوله صلى الله عليه وسلم: « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسولَهُ فلْيَقْرَأ في المُصْحَفِ » البيهقي في شعب الايمان وقال الالباني إسناده حسن، ووقفه اصح عن ابن مسعود فمن كانم كذلك كان ممن يُحبُّ اللّهَ وَرَسولَه .
كَانَ دائماً يَفْزَعُ إلى الصَّلاة والقُرآنِ عند كُلِّ همٍّ وَغَمٍّ وتعبٍ، فَيَجدُ الرَّاحةَ في قَلْبهِ والسُرورَ في نَفْسِه ، ولا عجبَ ، فالقُرآنُ رَبيعُ القَلْبِ، مُزيلُ الهمِّ، وَمُذهِبُ الغَمِّ.
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما قال عبدٌ قطُّ إذا أصابه هَمٌّ أو حُزْنٌ : اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ ابنُ عبدِكَ ابنُ أَمَتِكَ ناصِيَتي بيدِكَ ماضٍ فيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فيَّ قضاؤُكَ أسأَلُكَ بكلِّ اسمٍ هو لكَ سمَّيْتَ به نفسَكَ أو أنزَلْتَه في كتابِكَ أو علَّمْتَه أحَدًا مِن خَلْقِكَ أوِ استأثَرْتَ به في عِلمِ الغيبِ عندَكَ أنْ تجعَلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ بصَري وجِلاءَ حُزْني وذَهابَ همِّي إلَّا أذهَب اللهُ همَّه وأبدَله مكانَ حُزْنِه فرَحًا ) قالوا : يا رسولَ اللهِ ينبغي لنا أنْ نتعلَّمَ هذه الكلماتِ ؟ قال : ( أجَلْ، ينبغي لِمَن سمِعهنَّ أنْ يتعلَّمَهنَّ" رواه ابن حبان،إسناده صحيح.
الافتراقُ المَحْتومُ :
تمضي الأيامُ والسنونَ والصاحبانِ لا يفترقانِ، ولكنَّهُ القدَرُ، وكانَ أمرُ اللهِ مفعولاً..
وَدَّعَ حافظُ القُرآنِ الدُّنيا وزينَتَها، تركَ فيها بحاراً منَ الحسَناتِ دفَّاقةً، وأنهاراً منَ الصَدقاتِ رقراقةً، حلقاتٌ هنا ، حفاظٌ هناك، علومٌ تتناقلُها الأجيالُ.
الوحدةُ في القَبْرِ:
وضعوهُ وَحيداً في قبرِهِ، أهالوا عليهِ التُّرابَ،ذرفَ عليه أهلَهُ دموعَ الفِراقِ، لحظاتٍ وتَرَكَهُ الجميعُ وحيداً في قَبْرِهِ.. أهالتهُ ضمَّةَ القَبْرِ، وَصُراخُ المعَذَّبينَ من حوْلِهِ، فقدْ كانَ القَبْرُ ضيِّقاً، والظُّلمةُ شديدةٌ، والوحدةُ فظيعةٌ..
عِنْدما أتاهُ العذابُ … منْ أين.؟
منْ كُلِّ مكانٍ، وَفَجأةً جاءهُ صاحِبُهُ الوفِيِّ ، جاءهُ القُرآنُ، ليُدافعَ عنْهُ، ليمنَعَ عنهُ العذابَ.
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:" يُؤتَى الرجلُ في قبرِه فإذا أُتِيَ من قِبَلِ رأسِه دفَعَتْه تلاوةُ القرآنِ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ يدَيه دفعَتْه الصدقةُ وإذا أُتِيَ من قِبَلِ رِجلَيه دَفَعَه مَشيُه إلى المساجدِ" اخرجه الطبراني في المعجم الاوسط وحسن الالباني اسناده .
نعم كانَ القرآنُ صاحبُهُ الوَفِّيَ في ذلكَ الموْقِفِ العظيمِ، منَعَ اللهُ عنهُ العذابَ، وَدَفَعَهُ بعدما استوجبَ عليه، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "سورةُ تبارَكَ هيَ المانعةُ من عذابِ القَبْرِ" صحيح الجامع
وقال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ سورةً في القُرآنِ ثلاثونَ آيةً، شَفَعَتْ لَرَجُلِ حتى غُفِرَ لهُ، وهيَ تباركَ الّذي بِيَدِهِ المُلكُ" رواهَ الترمذي وحسنه الألباني
الاختيار الصعب:
بعد ذلك جاءه الملكان الشديدان العظيمان، الأسودان الأزرقان، منكرٌ ونكيرٌ، فانتهراه وأجلساه، وسألاه..
من ربُّك؟ ما دينًُك؟ ما تقولُ في الرَّجل الذي بُعث فيكم؟
كَانَ الموقفُ رهيباً، والخطبُ عظيماً، والاختيارُ صعباً، قال لهم بعدَ أن مسح عن عينيه التُّراب "دعوني أصلي" – رواه ابن ماجه(4272) وحسنه الألباني
كَانَ يريدُ الصلاة في قبره يريد القرآن، فلطالما تمتع بالصلاة والقرآن، وكانا أنيسه عند كل فاجعةٍ ومصيبةٍ.
" فيقولون إنك ستفعل، أخبرنا عما نسألك عنه" " من ربك؟ ربي الله، فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرَّجل الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هو رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم- ، فيقولان: وما علّٓمك؟ فيقول: " قرأت كتاب الله فآمنتُ به وصدَّقت" – جزء من حديث رواه ابن حبان، وقال الألباني: حسن، انظر صحيح الترغيب والترهيب(3561 (.
فينتهره ويقول: من ربك؟ ما دينك؟ ما نبيك؟
وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن؛ فلذلك حين يقول الله عز وجل ) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ( [ابراهيم ]
فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد- صلى الله عليه وسلم، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها، وطيبها، ويُفسح له في قبره مُدَّ بصره"
انظر كتاب الجنائز للألباني، فقد ساق حديث البراء هذا بطوله، وجمع ألفاظه في سياق واحد، و صححه .
نعم إِنَّهُ القرآن الصَّاحبُ الوفيُّ